للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجريات أمور الحياة، واستقرار الدولة، فإنهم هم قتلة الأنبياء كما قال الحسن، وإذا كانوا هم أصحاب المجالس غلبوا خيار الأمة على أمورها، ولهذا حرص السلف على تسكين الدهماء وعدم إثارتهم، قال ابن عبد البر: "أجمع المسلمون أن المنكر واجب تغييره على كل من قدر عليه، على حسب طاقته؛ من قول وعمل، على ما تقدم شرطنا، ما لم يكن انطلاق الدهماء وإراقة الدماء" (١)، وقال ابن القيم عند شرحه كلام علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- عند كلامه على أقسام الناس فذكر ثلاثة أقسام الثالث منها: "همجٌ رعاعٌ، أتباع كل ناعق": أي من صاحَ بهم ودعاهم تبعوه، سواء دعاهم إلى هدى أو إلى ضلال؛ فإنهم لا علم لهم بالذي يُدْعَوْن إليه، أحقٌّ هو أم باطل، فهم مستجيبون لدعوته، وهؤلاء من أضر الخلق على الأديان؛ فإنهم الأكثرون عددا، الأقَلُّون عند اللَّه قدرا، وهم حطب كل فتنة، بهم توقد، ويشب ضرامها، فإنها يهتز لها أولو الدين، ويتولاها الهمج الرعاع" (٢)، ومن هنا تعيّن الحذر من العوام وعدم الانسياق وراء حماساتهم، والانزلاق وراء معاناتهم، فضلا عن تهييجهم والمشاركة في توجيههم نحو الفتن، ومن الأمثلة الحكيمة في هذا قولهم: يجمعهم طبل، وتفرقهم عصى (٣).


(١) الاستذكار (٥/ ١٧).
(٢) مفتاح دار السعادة (١/ ٤١٣).
(٣) هداية الحيارى (١/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>