للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الروايات التي وردت في هذه الآثار من رؤية بعض السلف لشيء من عذاب القبر، لا سيما ما صح السند إلى أصحابه وهم ثقات عدول، فإنه لا ينافي عقيدة أهل السنة، ولا يوجد شيء يستدعي استنكاره أو التشكيك فيه، وإن كان ذلك قد وقع لا سيما عند من لم يكن عنده خبرة بالآثار وأقوال السلف، وقد فصّل ابن القيم رحمه اللَّه ذلك فقال: "النار التي في القبر والخضرة ليست من نار الدنيا، ولا من زروع الدنيا فيشاهده من شاهد نار الدنيا وخضرها، وإنما هي من نار الآخرة وخضرها، وهي أشد من نار الدنيا فلا يحس به أهل الدنيا. . . وقدرة الرب تعالى أوسع وأعجب من ذلك، وقد أرانا اللَّه من آيات قدرته في هذه الدار ما هو أعجب من ذلك بكثير، ولكن النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تحط به علما إلا من وفقه اللَّه وعصمه. . . فإذا شاء اللَّه سبحانه أن يطلع على ذلك بعض عبيدة أطلعه، وغَيَّبَه عن غيره؛ إذ لو طلع العباد كلهم لزالت كلمة التكليف، والإيمان بالغيب، ولما تدافن الناس. . . فرؤية هذه النار في القبر كرؤية الملائكة والجن تقع أحيانا لمن شاء اللَّه أن يريه ذلك -ثم ذكر آثارا كثيرة في هذا المعنى عن ابن أبي الدنيا وغيره- وهذه الأخبار وأضعافها وأضعاف أضعافها مما لا يتسع لها الكتاب مما أراه اللَّه سبحانه لبعض عباده من عذاب القبر ونعيمه عيانا" (١).


(١) الروح (٦٧ - ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>