للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طريقة السلف هي الوسط بين الغلو والتقصير، وذلك في كل أمور الدين، وهذا مقتضى العبودية للَّه وهو طاعته اللَّه في كل ما شرع أمرا ونهيا، ولهذا كان من سمات أهل السنة أنهم جردوا المتابعة فلا يخصون عملا دون آخر بشيء لم يأت في الكتاب والسنة؛ فإن ذلك من آفة العبودية وهو عبودية مقيدة، قال ابن القيم رحمه اللَّه: "أهل السنة ليس لهم اسم ينسبون إليه سواها، فمن الناس من يتقيد بلباس لا يلبس غيره، أو بالجلوس في مكان لا يجلس في غيره، أو مشية لا يمشي غيرها، أو بزي وهيئة لا يخرج عنهما، أو عبادة معينة لا يتعبد بغيرها، وإن كانت أعلى منها، أو شيخ معين لا يلتفت إلى غيره وإن كان أقرب إلى اللَّه ورسوله منه، فهؤلاء كلهم محجوبون عن الظفر بالمطلوب الأعلى، مصدودون عنه قد قيّدتهم العوائد والرسوم والأوضاع والاصطلاحات عن تجريد المتابعة، فأضحوا عنها بمعزل، ومنزلتهم منها أبعد منزل، فترى أحدهم يتعبد بالرياضة والخلوة، وتفريغ القلب، ويعد العلم قاطعا له عن الطريق، فإذا ذكر له الموالاة في اللَّه والمعاداة فيه، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، عَدَّ ذلك فضولا وشرا، وإذا رأوا بينهم من يقوم بذلك أخرجوه من بينهم، وعدوه غيرًا عليهم، فهؤلاء أبعد الناس عن اللَّه وإن كانوا أكتر إشارة واللَّه أعلم" (١).

ومن هنا كان سبيل المؤمنين، وهديهم العام في أصول الدين وفروعه، من أهم ما يجب تحصيله، للتلازم بينه وبين اتباع الكتاب والسنة،


(١) مدارج السالكين (٣/ ١٧٦)، وانظر قبلها (٣/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>