للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منكسي الرؤوس أيديهم على أكواعهم، مستوفزين على الركب؛ أي غير مطمئنين وإنما جالسين على ركبهم وأطراف أقدامهم (١)، وتدنو الشمس من العباد مسافة ميل أو ميلين أو أذرع، ويزاد في حرها ستون ضعفا، فيعرقون وتتفاوت درجاتهم في ذلك شيئًا فشيئا حتى إن منهم من يغرقه عرقه، ويزدحم الموقف حتى إن السعيد من وجد لقدميه موطئا، وتكون الأقدام كالنبل في القرن، وتفتح أبواب جهنم، فتهبّ عليهم رياحها وسمومها، كما يطول مكث الواقفين في ذلك اليوم، على اختلاف فيما ذكره السلف في مدة ذلك الوقوف، من مائة سنة، أو ثلاثمائة، أو أربعين ألف سنة، أو خمسين ألف سنة، وقد اكتفى ابن جرير بقوله: "بعض يقول: مقدار ثلاث مئة عام، وبعض يقول: مقدار أربعين عاما" (٢)، بينما جعل هو والقرطبي هذا مشكلا فقد قال القرطبي: "قوله تعالى: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)} (٣) فمشكل مع هذه الآية، وقد سأل عبد اللَّه بن فيروز الديلمي عبد اللَّه بن عباس عن هذه الآية وعن قوله: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)} فقال: أيام سماها سبحانه وما أدري ما هي؟ فأكره أن أقول فيها ما لا علم، ثم سئل عنها سعيد بن المسيب فقال: لا أدري، فأخبرته بقول ابن عباس، فقال ابن المسيب للسائل: هذا ابن


(١) انظر معاني القرآن للنحاس (٦/ ٤٣١)، تفسير القرطبي (١٠/ ٢٥٠)، فتح القدير (٥/ ١٥).
(٢) انظر تفسير ابن جرير (٣٠/ ٩٢ - ٩٣)، وابن كثير (٤/ ٦٢٢).
(٣) سورة المعارج، من الآية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>