للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دونهم، وكلٌّ بحسبه، ولا يظلم ربك أحدا، قال القرطبي: "ظاهر ما رواه ابن المبارك عن سلمان أن الشمس لا يضر حرها مؤمنا ولا مؤمنة العموم في المؤمنين، وليس كذلك لحديث المقداد المذكور بعده (١)، وإنما المراد لا يضر حرها مؤمنا كامل الإيمان، أو من استظل بظل عرش الرحمن. . . وكذلك ما جاء أن المرء في ظل صدقته، وكذلك الأعمال الصالحة أصحابها في ظلها إن شاء اللَّه، وكل ذلك من ظل العرش واللَّه أعلم، وأما غير هؤلاء فمتفاوتون في العرق" (٢)، وقد نُقل عن ابن أبي حمرة كلاما حسنا في هذا حيث قال: "ظاهر الحديث تعميم الناس بذلك، ولكن دلت الأحاديث الأخرى على أنه مخصوص بالبعض وهم الأكثر، ويستثنى الأنبياء والشهداء ومن شاء اللَّه، فأشدهم في العرق الكفار، ثم أصحاب الكبائر، ثم من بعدهم، والمسلمون منهم قليل بالنسبة إلى الكفار كما تقدم تقريره في حديث بعث النار، قال: والظاهر أن المراد بالذراع في الحديث المتعارف، وقيل: هو الذراع الملكي، ومن تأمل الحالة المذكورة عرف عظم الهول فيها، وذلك أن النار تحف بأرض الموقف، وتدنى الشمس من الرءوس قدر ميل، فكيف تكون حرارة تلك الأرض؟ وماذا يرويها من العرق؟ حتى يبلغ منها سبعين ذراعا، مع أن كل واحد لا يجد إلا قدر موضع قدمه، فكيف تكون حالة هؤلاء في عرقهم؟ مع تنوعهم


(١) وفيه: "فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق"، أخرجه مسلم برقم (٢٨٦٤).
(٢) التذكرة (٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>