للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العزة، وآخر جواب رب العالمين لهم: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (١٠٨)} (١)، فينقطع الدعاء والرجاء منهم، وييأسون من كل خير، وهي أشد ساعات أهل النار عليهم، ولذلك لما فسّر السلف الأحقاب التي يمكثها الكفار في النار قالوا بأنه لا يدرى كم هي، وإنما فسروا الحقب الواحد، على اختلاف بينهم في تقديره، بل فسره بعضهم بأنه الذي لا ينقطع، فهو لا ينقطع أبدا كلما مضى حقب أعقبه آخر.

قال ابن حزم الأندلسي -رحمه اللَّه- في مراتب الإجماع: "وأن النار حق، وأنها دار عذاب أبدا لا تفنى، ولا يفنى أهلها بلا نهاية" (٢)، ولم يتعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية بل نص في موضع على ما يؤديه صراحة فقال: "اتفق سلف الأمة، وأئمتها، وسائر أهل السنة والجماعة، على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا يفنى بالكلية؛ كالجنة، والنار، والعرش وغير ذلك، ولم يقل بفناء جميع المخلوقات إلا طائفة من أهل الكلام المبتدعين؛ كالجهم بن صفوان ومن وافقه من المعتزلة ونحوهم، وهذا قول باطل يخالف كتاب اللَّه، وسنة رسوله، وإجماع سلف الأمة وأئمتها، كما في ذلك من الدلالة على بقاء الجنة وأهلها، وبقاء غير ذلك مما لا يتسع هذه الورقة لذكره" (٣) وقال ابن القيم: "لما كان الناس على ثلاث طبقات:


(١) سورة المؤمنون، من الآية (١٠٧).
(٢) (ص ١٧٣)، وانظر الفصل (٤/ ٦٩).
(٣) مجموع الفتاوى (١٨/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>