للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المبحث الثاني: الآثار الواردة في سد الذرائع إلى البدع.]

إن من قواعد الشرع العظيم قاعدة سد الذرائع، وإذا تدبرت الشريعة وجدتها قد أتت بسد الذرائع إلى المحرمات، والشارع حرم الذرائع وإن لم يُقصد بها المحرَّم لإفضائها إليه، فكيف إذا قُصد بها المحرم نفسه؟ (١)، فإذا حرم الرب تعالى شيئا، وله طرق ووسائل تفضي إليه؛ فإنه يحرمها ويمنع منها، تحقيقا لتحريمه وتثبيتا له، ومنعا أن تقرب حماه، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضا للتحريم، وإغراء للنفوس به، وحكمتُه تعالى وعلمه يأبى ذلك كل الإباء (٢)، وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف؛ فإنه أمر ونهي، والأمر نوعان أحدهما: مقصود لنفسه، والثاني: وسيلة إلى المقصود، والنهي نوعان: أحدهما ما يكون المنهي عنه مفسدة في نفسه، والثاني: ما يكون وسيلة إلى المفسدة، فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين (٣).

وأدلة هذه القاعدة الشريفة كثيرة جدا من الكتاب والسنة، أشهرها قوله عز وجل: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا


(١) انظر إغاثة اللهفان (١/ ٣٦٠ - ٣٦١).
(٢) إعلام الموقعين (٣/ ١٣٥).
(٣) إعلام الموقعين (٣/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>