للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يطلب به إجابة الدعاء" (١).

وشمل العنصر الثاني إنزل الحوائج كلها باللَّه، والمراد هذا العنصر بيان أن سؤال اللَّه وإنزال حاجات الناس به تعالى كان هو السائد بين هذه القرون الفاضلة، فلا نجد في أدعيتهم على اختلاف أسبابها وتنوع حاجاتهم، وتغاير عباراتهم وأساليب خطابهم، رغم كل ذلك نجدها تصب في كوثر واحد هو الرجوع إلى اللَّه والالتجاء إليه (٢)، وقد صرح بعضهم بهذا الأمر فإن أثر عجردة العابدة فيه: "فبك إلهي لا بغيرك أسألك"، ووصايا كثير من السلف لغيرهم أن ينزل حاجته باللَّه لا بغيره كأثر الثوري، وفي أثر الليث بيان أن دعاء اللَّه لم يقتصر على حال الرخاء بل حتى حال الشدَّة وهي الغرق لم يتوجهوا لغيره تعالى، وهكذا كان دعاء اللَّه حتى في ما ليس محبوبا إليه كالانتقام والقتل كانوا يدعونه أن يمكنهم من ذلك، وعند وقوعهم في الأسر، وفتح الحصون، كل ذلك لا يرجعون إلى غيره ولا يدعون سواه، هذا منهجهم وسبيلهم، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ


(١) جامع العلوم والحكم (١٠٥ - ١٠٦) وقد ذكر في كل سبب ما يشهد له من الأحاديث والآثار، وانظر سلاح المؤمن في الدعاء (٩٧)، وتحفة الذاكرين للشوكاني (٤٦ - ٤٧).
(٢) ولو تتبعت كتب الأدب الكبيرة فإنها عقدت أبوابا في بعض أدعية الأعراب وأهل البادية تجد فيها العجب من سؤال اللَّه والتضرع بين يديه ولا تجد إشارة إلى الشرك والتوسل بالمخلوقين واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>