للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واشتمل العنصر الرابع على بيان أهمية ذكر اللَّه في السراء وأنه عدة يدخرها المؤمن ليذكره اللَّه بها في الضراء، وفي ذلك إشارة إلى تحذير المؤمن من ذكر اللَّه ودعائه في الضراء والشدائد، ونسيانه في السراء والسمعة، لأن ذلك من أخلاق المشركين كما قال اللَّه عنهم: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} (١)، قال الإمام القصاب رحمه اللَّه: "تقريع لمن يهمل الدعاء في الرخاء، ويفزع إليه في الشدة، وليس ذلك من أخلاق المؤمنين، إذ من أخلاقهم إكثار الدعاء في الرخاء عدة للشدة. . . فلا ينبغي للمؤمن أن يستن بالكافر، ولا يفزع إلى الدعاء إلا عند الشدائد" (٢).

وإذا كان هذا كذلك فما بالك بمن يخص الشدائد والكرب بالفزع إلى غير اللَّه، وسؤاله ودعائه، لا شك أنه أسوأ من المشركين الذين نهينا عن اتباع سننهم، فإنهم يخلصون الدعاء للَّه في الشدائد دون الرخاء، وهؤلاء يخلصون الشرك في الشدائد فضلا عن الرخاء واللَّه المستعان (٣).


(١) سورة الزمر، من الآية (٨).
(٢) نكت البيان (١٥٠ ب - ١٥١ أ).
(٣) انظر تيسير العزيز الحميد (٣٢٠)، رسالة الشرك ومظاهره لمبارك الميلي (١٩٦) فقد ذكر قصة مفادها أن الشيخ الصوفي أمر أتباعه بأن يسألوه كي لا تغرق السفينة وهو يتوسط لهم عند اللَّه، وعلى مثل هذه القصص تسكب عبرات التوحيد وإلى اللَّه المشتكى.

<<  <  ج: ص:  >  >>