للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا أعلى أنواع المكاشفة. . . قال بعضهم: رأيت الجنة والنار حقيقة، قيل له: وكيف؟ قال: رأيتهما بعيني رسول اللَّه، ورؤيتي لهما بعينيه آثر عندي من رؤيتي لهما بعيني؛ فإن بصري قد يطغى ويزيغ، بخلاف بصره" (١)، ولذلك ورد عن بعض السلف أنه لو أخبر أنه سيموت لم يكن عنده مزيد؛ لأنه وصل إلى أعلا درجة اليقين، وفي أبيات النمري من يقينه في حسن ظنه باللَّه أنه كأنه يرى ما اللَّه صانع به، وفي أثر الحسن والتيمي بيان علاقة التوكل باليقين، وذلك أنه إذا قوي اليقين قوي التوكل، وإذا ضعف ضعف، فإذا ضعف اليقين صارت ثقة العبد بما في يده أكثر مما في يد اللَّه، وإذا قوي اليقين، انقلب الأمر كما في قصة البحراني الذي دعا اللَّه أن يخرجه من السجن، فخرج كما دعا وتيقن، قال ابن القيم: "اليقين قرين التوكل، ولهذا فسر التوكل بقوة اليقين، والصواب: أن التوكل ثمرته ونتيجته. . . ومتى وصل اليقين إلى القلب امتلأ نورا وإشراقا، وانتفى عنه كل ريب وشك وسخط وهمٍّ وغمٍّ، فامتلأ محبة للَّه وخوفا منه، ورضي به، وشكرا له، وتوكلا عليه، وإنابة إليه، فهو مادة جميع المقامات والحامل لها" (٢).


(١) مدارج السالكين (٢/ ٤١٧).
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>