للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثوري، أو المقارنة بين الخالق والمخلوق، فالمخلوق تخاف فتنته، والخالق لا يشك في رحمته، أو المقارنة بين صفات المخلوق وصفات الخالق، فالمخلوق الذي أودعت فيه الرحمة رحيم كالأم لو حاسبت ابنها أدخلته الجنة، فما بالك بمن هو أرحم منها بل أرحم الراحمين، أو المقارنة بين أفعال اللَّه وأفعال غيره، حيث استبشر الأعرابي بلقاء من لا يرى الخير إلا منه وهو اللَّه، وذلك أن أفعال اللَّه ليس فيها شر والشر ليس إليه، أو التسليم للَّه في اختياره والرضا بتصرفه في عباده، وأن ذلك كله خير للعبد، كما في أثر النضر بن عبد اللَّه.

وهذه الأنواع إلى سبقت ذَكَرَهَا ابن القيم رحمه اللَّه في منزلة الرجاء فقال: "الرجاء ثلاثة أنواع: نوعان محمودان، ونوع غرور مذموم، فالأولان: رجاء رجل عمل بطاعة اللَّه على نور من اللَّه فهو راج لثوابه، ورجل أذنب ذنوبا ثم تاب منها فهو راج لمغفرة اللَّه تعالى وعفوه وإحسانه وجوده وحلمه وكرمه، والثالث: رجل متماد في التفريط والخطايا يرجو رحمة اللَّه بلا عمل فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب" (١)، ثم في شرح تقسيم شيخ الإسلام الهروي لدرجات الرجاء قال: "الدرجة الثالثة: رجاء أرباب القلوب، وهو رجاء لقاء الخالق. . . ." قال رحمه اللَّه: "هذا الرجاء أفضل أنواع الرجاء وأعلاها، قال اللَّه تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ


(١) مدارج السالكين (٢/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>