للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سكرات الموت بقراءة القرآن أو الصلاة بالإيماء، ويتفكر في الجنة والنار كأنه فيهما، ثم يطالب نفسه بالعمل لنيل الجنة أو البعد عن النار، كأنها طلبت الرجعة فأرجعت للعمل، قال ابن رجب: "وقد كان السلف الصالح يجتهدون في الأعمال الصالحة حذرا من لوم النفس عند انقطاع الأعمال على التقصير" (١)، حيث أقبلوا على إحسان العمل؛ فإن كان لهم ما يرجون برحمة اللَّه كان عملهم فضلا ودرجات عند اللَّه، وإن كان غير ذلك لم يلوموا أنفسهم على التقصير، بل لم يجترؤوا على المعصية اتكالا على الرجاء، كما قال وهيب بن الورد أكره أن أنال مغفرته بمعصتيه، وقول العمري: كما تحب أن يكون اللَّه لك غدا، فكن له اليوم، وقد أشار ابن القيم رحمه اللَّه إلى هذا المعنى عند كلامه على الأسباب التي تعين على الصبر عن المعصية فقال: "الثاني: مشهد محبته سبحانه فيترك معصيته محبة له؛ فإن المحب لمن يحب مطيع، وأفضل الترك ترك المحبين. . . الثالث: مشهد النعمة والإحسان؛ فإن الكريم لا يقابل بالإساءة من أحسن إليه" (٢)، ثم إن الآثار تضمنت أن الذي يرجو للَّه وهو غير آخذ بأسباب ذلك من العمل الصالح، بله مقيم على المعصية مصر عليها مغرورٌ، كما في أثر عمر بن عبد العزيز لمن سأل اللَّه الحور وهو يلعب بالحصى: "بئس الخاطب أنت"، ولا يستوي من هذا حاله مع من أفنى حياته في طاعة ربه، وأن التوبة ليست بالكلام، وَوَصَفَهُ الفضيل بأنه قليل النظر لنفسه، وأبو رافع بأن ذلك من الأمن لمكر اللَّه، وأوصى بعض العباد ابنه بأن لا يرجو الآخرة


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٢٣٢).
(٢) عدة الصابرين (٤٤ - ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>