للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما نشأ رحمه اللَّه في كنف أئمة علماء السنة، من محدثين ولغويين وأهل سير وتاريخ وزهاد وعباد، حيث إن الباحث حين يقرأ سيرته ويبصر ما في كتبه ويتتبع شيوخه، يلفت انتباهه الانتقاء والتميز والتخصص، ناهيك عن الإمامة في الدين والعلم.

وتتلمذ على أئمة كبار ونهل من معينهم، وروى عنهم، وكان الغالب على كل واحد منهم حيازة السبق في ميدانه وميادين أخرى كثيرة، بحيث استطاع رحمه اللَّه تكوين شخصيته العلمية الفذة المتميزة، التي مكنته من تبوّأ مكانة علمية مرموقة، علمًا وعملا وتأليفا.

فقد لازم الإمام أحمد إمام أهل السنة والجماعة، وروى عن الإمام البخاري أمير المؤمنين في الحديث (١)، والذي قال عنه ابن حجر: "جبل الحفظ، وإمام الدنيا في فقه الحديث" (٢)، ولازم أبا عبيد القاسم بن سلام، وابن سعد صاحب الطبقات، وابن الجعد صاحب المسند، وخلف ابن هشام أحد القراء العشرة، وجميع هؤلاء متقدمو الوفاة، وهم جميعا أصحاب علم متنوّع، وأدب، وزهد، وبصيرة، وإمامة، فلا عجب أن يكون ابن أبي الدنيا بعد هذه التنشئة المميزة موسوعة جامعة كما قال العلامة ابن القيم: "كان يقال: ملأ ابن أبي الدنيا الدنيا علما" (٣).


(١) انظر هدية المغيث في أمراء المؤمنين في الحديث (٢٤).
(٢) تقريب التهذيب رقم (٥٧٦٤).
(٣) طريق الهجرتين (١٩٥)، وانظر ما ذكره الدكتور نجم خلف في كتابه العيال (٧٩ - ٩٨) فقد نبه على فوائد علمية قيّمة تتعلق بصاحب الترجمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>