للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذريعة أو باب من أبواب الشرك أن يفتح، وهو داخل واللَّه أعلم في عموم البناء على القبور، فإذا كان السلف تورعوا عن غلق اللحد بالآجر لما ذُكِر، ولأنه نوع من البناء، فما بال البناء عليها وإيقاد السرج والعكوف عليها وزيارتها للتبرك بأصحابها ودعائهم. . .، وقد عقد ابن القيم رحمه اللَّه مقارنة لطيفة بين هدي الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وصحابته وسلف هذه الأمة وحال عباد القبور في زمانه فقال: "من جمع بين سنة رسول اللَّه في القبور وما أمر به ونهي عنه، وما كان عليه أصحابه، وبين ما عليه أكثر الناس اليوم رأى أحدهما مضادا للآخر، مناقضا له بحيث لا يجتمعان أبدا، فنهى رسول اللَّه عن الصلاة إلى القبور، وهؤلاء يصلون عندها، ونهى عن اتخاذها مساجد، وهؤلاء يبنون عليها المساجد، ويسمونها مشاهد، مضاهاة لبيوت اللَّه تعالى، ونهى عن إيقاد السرج عليها، وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها، ونهى أن تتخذ عيدا وهؤلاء يتخذونها أعيادا ومناسك، ويجتمعون لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر، وأمر بتسويتها. . . وهؤلاء. . . يرفعونها عن الأرض كالبيت، ويعقدون عليها القباب، ونهى عن تجصيص القبر والبناء عليه. . . ونهى عن الكتابة عليها. . . وهؤلاء يتخذون عليها الألواح، ويكتبون عليها القرآن وغيره، ونهى أن يزاد عليها غير ترابها. . . وهؤلاء يزيدون عليه سوى التراب الآجر والأحجار والجص. . . والمقصود أن هؤلاء المعظمين للقبور، المتخذين لها أعيادا، الموقدين عليها السرج، الذين يبنون عليها المساجد والقباب، مناقضون لما أمر به رسول اللَّه محادون لما جاء به" (١).


(١) إغاثة اللهفان (١/ ١٩٥ - ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>