للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إساءتهم، ومن صفة الحلم وكمالها كأنه لا يرى ما يعصيه به عباده.

والمقصود بهذا المبحث الإشارة إلى فهم السلف لنصوص الصفات وتدبرهم لمعانيها، وأن مذهبهم ليس التفويض المطلق، كما ينسبه لهم المتأخرون زورا وبهتانا، "ومن هنا قال من قال من النفاة: إن طريقة الخلف أعلم وأحكم، وطريقة السلف أسلم؛ لأنه ظن أن طريقة الخلف فيها معرفة النفي، الذي هو عنده الحق، وفيها طلب التأويل لمعاني نصوص الإثبات، فكان في هذه عندهم علم بمعقول، وتأويل لمنقول، ليس في الطريقة التي ظنها طريقة السلف. . . ومذهب السلف عنده عدم النظر في فهم النصوص، لتعارض الاحتمالات، وهذا عنده أسلم؛ لأنه إذا كان اللفظ يحتمل عدة معان فتفسيره ببعضها دون بعض فيه مخاطرة، وفي الإعراض عن ذلك سلامة من هذه المخاطرة، فلو كان قد بُيِّن وتبَيَّن لهذا وأمثاله أن طريقة السلف إنما هي إثبات ما دلت عليه النصوص من الصفات، وفهم ما دلت عليه، وتدبره، وعقله، وإبطال طريقة النفاة، وبيان مخالفتها لصريح المعقول، وصحيح المنقول، علم أن طريقة السلف أعلم، وأحكم، وأسلم، وأهدى إلى الطريق الأقوم، وأنها تتضمن تصديق الرسول فيما أخبر به، وفهم ذلك، ومعرفته. . . وأن من جعل طريقة السلف عدم العلم بمعاني الآيات، وعدم إثبات ما تضمنته من الصفات، فقد قال غير الحق، إما عمدا وإما خطأ" (١).


(١) درء التعارض (٥/ ٣٧٨ - ٣٧٩)، وانظر كتاب مذهب التفويض في نصوص الصفات للدكتور أحمد القاضي وبحث الأستاذ الدكتور عبد الرزاق البدر في مجلة الجامعة الإسلامية في أثر الإمام مالك المشهور عن الاستواء العدد (١١ - ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>