للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التي هي خير الأمم وأكرمها على اللَّه تعالى" (١)، ومن لطيف ما ذكره ابن كثير في أفضليتهم قوله: "الصحابة رضي اللَّه عنهم خلصت نياتهم، وحسنت أعمالهم، فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم، وقال مالك رضي اللَّه عنه: بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي اللَّه عنهم، الذين فتحوا الشام، يقولون: واللَّه لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا، وصدقوا في ذلك؛ فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد نوَّه اللَّه تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة" (٢).

وأما جهادهم ودفاعهم عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحبهم له: فقد تضمنت الآثار من ذلك العجب؛ فالأنصاري الذي كان يتشحط في دمه لم يرعه خبر مقتل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل أمر مخبره بأن يستمر في جهاده الواجب عليه، وأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ولو قتل فقد بلغ، وكيف هان ذهاب بصر أحدهم، وأجاب المُعَزِّين له بأنه لا حاجة له بالنظر إلى شيء بعد موت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفداهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأموالهم وأنفسهم وأعراضهم، وقد عرف أهل السنة قدر هذه المناقب التي امتازوا بها، وأنزلوهم المنزلة الرفيعة التي يستحقونها، فكان من جملة الاستدلال على تعديل الصحابة وتفضيلهم ما قاله الهيتمي: "لو لم يرد من اللَّه ورسوله


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ١٥٥ - ١٥٦).
(٢) تفسير ابن كثير (٤/ ٢٦٠)، وانظر الصواعق المحرقة (٢/ ٦٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>