للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكانوا ألزم لما نصحوا به غيرهم، كما ذكر ذلك التابعون عنهم، حيث وصفوهم بأنهم كانوا موافقين لكتاب ربهم وسنة نبيهم، ومواقفهم في ذلك مشهورة أكثر من أن تحصر ومن ذلك:

تفضيل عائشة رضي اللَّه عنها للشاتين على الجزورين في العقيقة، مع أن الجزورين أعظم إنفاقا وتصدقا وإهداءا، لأن السنة أفضل كما قالت.

وتعظيم امتثال الأمر أو النهي فإن أبا جحيفة بعد ما أمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر مخاطب، من الكف بمعنى الصرف والدفع (١) - بالكف عن التجشأ، لم يشبع ثلاثين سنة، ولو كان المأمور به مما لا تدركه عقولهم أو يظن فوق مقدورهم، ويلومون أنفسهم في التأخر عن تنفيذه كما قال سعد يوم أحد.

بل إن أحدهم ليغضب إذا عورض قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشيء مهما كان السبب كما فعل عمران بن حصين.

ولعل أعظم ذلك كله ما حصل من الصديق -رضي اللَّه عنه- من كون إيمان أبي طالب كان أقر لعينه من إيمان أبيه، لأن ذلك كان أقر لعين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا ذورة التعظيم وقمة الحب والمتابعة الظاهرة والباطنة، كيف لا وهو الصديق، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.

وقد سار التابعون وتابعوهم على خطا هذا المنهج الرباني، فكان ذلك من دعائهم في الصلوات، وحديثا يذكر في مواعظهم، بل كان من أدبهم في طلب العلم أن أحدهم إذا جاء الحديث كلح تعبيرا عن هيبة


(١) تحفة الأحوذي (٧/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>