للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قائلون: "أهله" أهل العدل والإحسان، والفضل والدين، فهؤلاء لا ينازَعُون؛ لأنهم أهله.

وأما أهل الجور والفسق والظلم فليسوا له بأهل، ألا ترى إلى قول اللَّه -عزَّ وجلَّ- لإبراهيم عليه السلام: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (١)، وإلى منازعة الظالم الجائر ذهبت طوائف من المعتزلة وعامة الخوارج.

وأما أهل الحق وهم أهل السنة فقالوا: هذا هو الاختيار أن يكون الإمام فاضلا عدلا محسنا؛ فإن لم يكن فالصبر على طاعة الجائرين من الأئمة أولى من الخروج عليه؛ لأن في منازعته والخروج عليه استبدال الأمن بالخوف، ولأن ذلك يحمل على هراق الدماء، وشن الغارات، والفساد في الأرض، وذلك أعظم من الصبر على جوره وفسقه، والأصول تشهد والعقل والدين، أن أعظم المكروهين أولاهما بالترك، وكل إمام يقيم الجمعة والعيد، ويجاهد العدو، ويقيم الحدود على أهل العداء، وينصف الناس من مظالمهم بعضهم لبعض، وتسكن له الدهماء، وتأمن به السبل، فواجب طاعته في كل ما يأمر به من الصلاح أو من المباح" (٢).

فحرم الخروج عليهم: وهو أخطر من القتال في الفتنة، حيث إن أهل النهروان مذمومين مطلقا، بخلاف أهل الجمل وصفين، قال شيخ


(١) سورة البقرة، من الآية (١٢٤).
(٢) التمهيد (٢٣/ ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>