للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو فقيه أهل الكوفة وقاضيها، فبيّن له أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس بإشهار السيف على الخليفة، ثم علّل ذلك بأن القتل ضرار، وأن من عجز عن الأمر والنهي فهو معذور وعاذلوه أشرار، وهكذا بلدِيُّه وعصرِيُّه الأعمش طلب منه الخروج، فأجاب بقاعدة عامة هامة بأنه لا يعرف أحدا يجعل عرضه دونه، فكيف يجعل دمه دونه، وقبلهما ابن عمر -رضي اللَّه عنه- لما طلب منه يزيد المبايعة بعد معاوية -رضي اللَّه عنه- وكان قد حصل نزاع عليها، أبي خشية أن لا يجتمع عليه المسلمون، وقال قولة عظيمة: ما يسرّني أن العرب دانت لي سبعين عاما، وأنه قتل في سيي رجل واحد، وهكذا كان السلف حريصين على حقن الدماء، ويتخذون في ذلك كل الوسائل، ويسدون عنه كل المنافذ، وقد ذكر هذا الأمر غير واحد من العلماء عند كلامهم على الأحاديث التي تنهى عن الخروج ونكث البيعة، قال ابن بطال: "في الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة


= هؤلاء الأغمار، ولكل قوم وارث فانظر من ترث، ولا يغرنّك أن بعضهم قد يكون على السنة في غير هذه المسألة؛ فإن الذين دخلوا على الإمام أحمد يستشيرونه في أمر الخروج كانوا من فقهاء بغداد، ولما خرجوا من عنده قال بعضهم لابنه: "امض معنا إلى منزل فلان، رجل سمَّوْه، حتى نوعده لأمر نريده، فقال الإمام لابنه: "لا تذهب، واعتل عليهم، فإني لا آمن أن يغمسوك معهم، فيكون لأبي عبد اللَّه في ذلك ذكر" انظر ذكر محنة الإمام أحمد (٧٠ - ٧٢)، وقد سبق في الباب الأول مطلب في الحذر من الكلام الذي يكون للمبتدع فيه حجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>