المستقبل، ويجب عليه أن يكون الصدق في الخبر عن الماضي، والوفاء في الخبر عن المستقبل، وهذا الحديث دليل على خلاف قوله.
وقوله:"يعقد الشيطان على قافية [رأس] أحدكم"[٩٥]. فالقافية: مؤخر الرأس، وهو القذال؛ لأنها تقفو الإنسان، أي: تتبعه، وقافية كل شيء: آخره، ومنه قيل في أسمائه عليه السلام:"المقفى"؛ لأنه آخر الأنبياء، ومنه قوافي الشعر؛ لأنها آخر البيت.
أما "عقد الشيطان" فلا يوصل إلى كيفيته، والظن به أنه مجاز، كناية عن حبس الشيطان، وتثبيطه للإنسان عن قيام الليل. والعرب تسمي الحبس عن الأمور والالتواء تعقيداً، ومنه: عقد الساحر؛ إنما هو تحيير المسحور وصرفه عما كان يفعله، ومنه تعقيد الأيمان؛ إنما هو تأكيدها حتى لا يجد الحالف منها مخرجاً، قال تعالى:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ}. وخص الثلاث؛ لأنه يحبسه عن ذكر الله تعالى، وعن الوضوء، وعن الصلاة. وتستعمل الثلاث كثيراً في تأكيد الشيء وإثباته، وخص مؤخر الرأس، لأنه موضع الذكر، ومن فساده يكون النسيان؛ لأن الدماغ- فيما ذكره المتقدمون- ثلاثة أقسام: المقدمة: مكان القوة المتخيلة، وأوسطه: مكان الفكرة، وآخره: مكان الذاكرة.