- لم يرد بقوله:"ليس المسكين بهذا الطواف"[٧] نفي هذا الاسم عنه، وإنما المعنى: أن الذي لا يسأل الناس أحق بهذا الاسم من سواه، كما يقول القائل: ليس العالم الذي يعلم النحو إنما العالم الذي يعلم الفقه، أي: هذا أحق بهذا الاسم منه. ونظيره قوله:"ما تعدون الصرعة فيكم؟ قالوا: الذي لا تصرعه الرجال: فقال: ليس ذلك، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب". وكذلك قوله:"ليس البر الصيام في السفر" أي: ليس كل البر. وكذلك:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} أي: ليس فعل ذلك، وإن كان براً يبلغ بر من آمن بالله، وآتى المال، ولهذا نظائر كثيرة في الحديث، وفي كلام العربن وروى يحيى بن يحيى:"فما المسكين"، وروى غيره:"فمن المسكين" وهو الأحسن؛ لأن "من" مخصوصة بالاستفهام عمن يعقل، وأما "ما" فالغالب عليها الاستفهام عما لا يعقل، وقد يستفهم بها عن الأجناس والأنواع ممن يعقل وعن الصفات. أما الأجناس والأنواع فنحو قوله تعالى:{فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}. وأما الصفات فنحو قول القائل: ما زيد؟ فيقال: ظريف عاقل، ويستفهم أيضاً عن ماهية كل شيء وهي حقيقته،