وإن لم يأكل. ووجدت في كتاب الداودي في "شرح الموطأ": "أكل أو لم يأكل" فسقوط الواو من هذه الرواية يقتضي أنه قال: "أكل أول م يأكل" مكان: "قتل أو لم يقتل". يريد: أن نافعاً اختلفت روايته عن ابن عمر؛ فذكر عنه مرة:"إن قتل وإن لم يقتل"، وذكر عنه مرة:"وإن أكل، وإن لم يأكل"، وسقطت "إن" في الموضعين من رواية الداودي، وأما على روايتنا المشهورة عندنا فتكون "إن" في الموضعين شرطاً لم يؤت له بجواب؛ لأن ما قبلها سد مسد جوابها، ومن شأن الشرط إذا تقدمه كلام يغني عن جوابه أن يحذف، كقوله: أنا أشكرك إن أحسنت إلي.
وفي حديث عبد الله هذا إشكال؛ لأنه ليس جميع ما يمسكه الكلب يؤكل؛ ولكنه ينقسم ثلاثة أقسام؛ ولأجل ذلك قال النحويون المحققون في قوله تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}: إن "من" هنا لا تكون زائدة؛ لأنها إنما تزاد لمعنى العموم مع النفي، وإنما ينبغي أن تكون للتبعيض، ولبيان الجنس الذي أمرنا بأكله؛ لأن صيد الجوارح جنسان: أحدهما: مباح أكله، وهو ما أمسكته علينا، وضرب محظور أكله؛ ٥٦/ب/ وهو ما لم يمسكه علينا.
وقوله- أيضاً-: "قتل أو لم يقتل" يجب أن يكون فيه محذوف يتممه، كأنه قال: قتل أو لم يقتل إذا ذكيته ما لم يقتل، فإن لم يقدر هنا الشرط مضمناً فيه كان قد أباح أكل ما يخلصه الصائد من الجوارح، وبه حياة وتربص به حتى يموت.