مضمرة، كأنه قال: عسى الغوير أن يكون أبؤساً، وهو قول الكسائي، وقال ابن كيسان: معناه: عسى الغوير أني بأس بأساً بعد بأس، يذهب إلى انتصابه انتصاب المصادر. وقال قوم: معناه أن يحدث أبؤساً، فهو مفعول عندهم بفعل مضمر. وقال قوم: معناه أن يأتي بأبؤس، فلما حذف حرف الجر نصب، واحتجوا بقول الكميت:
قالوا أساء بنو كرز فقلت لهم ... عسى الغوير بأبآس وأغوار
قال الشيخ- وفقه الله-: ورأيت أو رويت- وغالب ظني أني تلقيت عن أستاذي العلامة أبي علي-: أن المثل قالته الزباء، وكانت قد اتخذت نفقاً من قصرها إلى قصر أختها؛ لتنجو منه- حين حذرت من سقوط دم الأبرش- بالأرض، وأعلمت أنه يؤخذ بثأره عند ذلك وكان، فلما خرج عليها عمرو أصحابه، قصدت على النفق، وقالت: عسى الغوير، فوجدت عمراً على بابه مصلتاً سيفه، وكانت عندها صفته فعرفته، وقالت:"أبؤساً". فيكون على هذا تقديره: عسى الغوير [أن يكون] موضع نجاتي، ثم قالت:"أبؤساً": أي: وجدت عنده أبؤساً، أو نحو هذا.
- وأما قول عمر- رضي الله عنه-: "أكذلك؟ ". فإنه مبتدأ محذوف الخبر اختصاراً؛ والمعنى أكذلك هو، وهذا تقدير منه للعريف على ما وصفه به من العفة.