يشهد إن كنتم لا تشهدون أنتم، فوجه هذا الحديث: أن سعداً لما خاف أن يموت بمكة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تحزن مما تخافه، فإنك لا تموت بمكة، لكن البائس سعد بن خولة هو الذي ينبغي أن يحزن له"، ففي الكلام حذفان: حذف في أوله، وحذف في آخره، ولو روي:"سعد بن خولة" بالنصب لكان جائزاً، ويكون خبر "لكن" محذوفاً لدلاله الكلام عليه، والعرب تحذف خبر "لكن" تارة إذا فهم المعنى كقول الفرزدق:
ولكن زنجياً عظيم المشافر
وذكر سيبويه: أن من العرب من ينصب "زنجياً" بـ "لكن" ويضمر خبرها، كأنه قال: ولكن زنجياً عظيم المشافر لا يعرف قرابتي، وذكر أن منهم من يرفع فيقول: ولكن زنجي، ويضمر اسم "لكن" كأنه قال: ولكنك زنجي. وكذلك يفعلون بأخوات "لكن". ومجاز من روى "لكن البائس