- وقوله صلى الله عليه وسلم:"هذا جبل يحبنا ونحبه" تقدمت إشارة إلى معناه أول الكتاب.
قال الشيخ- وفقه الله تعالى-: وها نحن نلقي إليك ألقية حسنة في هذا الباب فنقول: للعلماء فيه ثلاثة أقوال، أما المنكرون للمجاز فجعلوا المحبة التي نسبها إلى الجبل حقيقة، وقالوا: ليس ينكر في قدرة الله تعالى أن يخلق في الجبل محبة، كما خلق في الجذع حنيناً إلى النبي عليه السلام. وأما القائلون بالمجاز، وهم الجمهور من أهل اللغة والتفسير فقالوا فيه قولين:
أحدهما: أنه نسب المحبة إلى أحد، وهو يريد الأنصار، كما تقول العرب: فداك ثوبي، وإنما يريدون ما يشتمل عليه الثوب من الذات، وحكي عن سيبويه أن العرب تقول: جاءت اليمامة، واليمامة لا تجيء، وإنما يجيء أهلها.
والقول الآخر: أن يكون المعنى: أن الجبال لو كانت ممن تحب لأحبنا هذا الجبل، كما تقول العرب دورنا تتناظر، أي: لو كان لها أعين لنظر بعضها إلى بعضن ومخرج هذا مخرج الاعتبار، كما قال: هلا وقفت على الجنان، فقلت: من شق أنهارك وغرس أشجارك، وجنى ثمارك، فإن لم تجبك حواراً/ ٩٩/ب أجابتك اعتباراً، وهذا هو لسان الحال كما تقدم لنا، وتمامه في "الكبير".