للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اتباعه للسنَّة:]

وأما اتباعه للسنة في جميع أحواله، فشيءٌ لا يُسألُ عنه؛ لأنَّها عنه تُؤخذ، ومنه تُعرَفُ، ويحرص بلسانه وقلمه على جذب الناس إليها، وتحذيرهم مِنْ مخالفتها، حتى كان يتأثر مِنْ تأخير الفِطْرِ وتقديم السَّحور، كما قدَّمته عند شيء مِنْ أقضيته مِنَ الباب الرابع (١).

وكذا مِنْ الزيادة في التكبير المشروع في العيدين، وقال في "فتح الباري": وقد أُحدثَ في هذا الزَّمان زيادةٌ فيه لا أصلَ لها.

إلى غير ذلك ممَّا يعلَم مِنَ الكتاب المشار إليه، كقوله فيه: ولا أصل لما اعقاده كثيرٌ مِنَ النَّاس مِنَ استكمال قراءة الفاتحة بعد قوله: الحمد للَّه رب العالمين، يعني في العُطاس. وكذا العدول عن الحمد إلى: أشهدُ أن لا إله إلا اللَّه، أو تقديمها على الحمد.

ويقول كما سمعتُه مرارًا: هؤلاء العوامُّ يثابرُون على القيام دفعةً واحدةً بعد فراغ المؤذن مِنَ الأذان يوم الجمعة للصلاة، بحيثُ أخشى توهمهم وجوبها، مع أنَّه لم يرد قبل الجمعة بخصوصها سنة، وكان هو عند ما يشرع المؤذِّن في الأذان، يثيب فيصلي أربعًا سنَّةَ الزوال، ويجيب المؤذِّنَ وهو في الصَّلاة إلَّا في الحيعلتين.

[خوفه مِن اللَّه:]

وأما خوفه مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ومحاسبتُه لنفسه، فأمرٌ يفوقُ الوصفَ. ونحوُه أنَّه ذكر يومًا القبرَ والموت، فقال: بينما المرءُ بين أهله وعشيرته الذين ألِفَهم وألفوه، إذِ انتقَلَ إلى مكان لم يألَفْ مثله قط [وجاءه مَنْ لم يره قط] (٢)، واسترسل في ذكر هذا المعنى، ثم صعق صعقةً مطربةً، ونهض إلى الصَّلاة.


(١) ص ٦٣٤.
(٢) ما بين قوسين ساقط مِنْ (أ)، وورد في هامش (ب، ح) بخط المصنف.