الثاني: أن المِزِّيَّ قد خالفَ ذلك في "الأطراف" تبعًا لأبي مسعود وخلفٍ وابنِ طاهرٍ، فجعل هذا الحديث في ترجمتي حُميد بنِ عبد الرحمن وعلقمة بن وقاص، ولم يذكره في ترجمة رافع. وكذا صنع الحُميدي في "الجمع بين الصحيحين".
الثالث: اقتصار المزِّي في ترجمته على ذكر البخاري والنَّسائي عجيبٌ، فإنَّ الخبر المذكور اتَّفقَ مسلمٌ والترمذيُّ والنسائي جميعًا على تخريجه مِنْ طريق حجَّاج بن محمد، وسياق الترمذي والنسائي مثلُ سياق مُسلم كما تقدَّم ذلك. وأما البخاريُّ، فقد ساقه مِنْ طريق هشام بن يوسف مثلَ سياق حجاج، فأيُّ معنى لتخصيص البخاري والنسائي بالذكر، والإضراب عَنْ ذكر مسلم والترمذي؟! هذا ذهول شديد! وهذا الموضع قد تعقَّبناه عليه في "تلخيص التهذيب".
وإذا تقرر هذا، فقد تبيَّن أنَّ صاحبَ "الكاشف" تبع صاحب "التهذيب" في وهمه، وزاد عليه بأنْ أوهَمَ أنَّ لرافع رواية أخرى غير المشارِ إليها، ولا وُجودَ لذلك أصلًا، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
[القول في حديث "لا تسبُّوا أصحابي"]
الثاني: كتب القاضي جلال الدين ما نصُّه:
قال مسلم في فضائل الصحابة -يعني من "صحيحه"-: حدثنا يحيى بن يحيى التَّيمي، وأبو بكر بن أبي شَيْبَة، ومحمدُ بن العلاء. قال يحيى: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية، عن الأعْمَش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَسُبُّوا أصحابي، لا تَسُبُّوا أصحابي. فوالَّذي نفسي بِيَدهِ لو أنَّ أحدَكُم أنفقَ مثلَ أُحُدٍ ذهبًا، ما أدركَ مُدَّ أحدهِم ولا نَصيفَهُ".
حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيءٌ، فسبَّه خالد، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَسُبُّوا أحدًا مِنْ