للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[ابن ظهيرة المكي]]

ومنهم: العلامة الحافظ جمال الدين أبو حامد بن ظهيرة المكي رحمه اللَّه، فقرأت بخطه على بعض تخاريج صاحب الترجمة ما نصه:

وقفت على هذه اللآلي، وتحققت ما اشتملت عليه مِنَ العوالي، فألفيتها جواهر مكنونة ودررًا مصونة، وذخائر شملت مُخَرِّجها مِنَ اللَّه المعونة، فعوَّذتُها بربِّ الفلق مِنْ شرِّ حاسد إذا حاسد. وقلت عند نظري فيها: لا يقدِرُ على هذا التَّخريج أحد. فيا لها مِنْ أحاديث صحاح وحسان، وواهًا عليها مِنْ آثار يقف عن تخريج مثلها كلٌّ إنسان. فلله قوله في الخطبة: "واتَّصلت فانقطعت". وما أحسن قوله بعد ذلك: "وعلت". وللَّه العجب مِنْ قوله: ما يهز اللبيب على سماعه عطفًا، ويعلم أن مائة صابرة مِنْ مروياتي تغلب ألفًا. ولا شك أن للكلام ملوكًا، وهذا مِنْ مُلوكه. وأنَّ هذا مقامٌ تعجزُ قرائحُ أهل هذا الزَّمان عن سلوكه. وتلوتُ حين قضيتُ العجب مِنْ هذه العلوم: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}.

ولا بِدْعَ، فإن مخرِّجها فاق الأقران، وسما على أبناء الزمان. تقابلت فيه الأوصاف حُسنًا، وجمع أشتات الفضائل، فنال منها المحل الأسْنَى. وتضلَّع مِنَ العلوم الشريفة والآداب (١)، وحوى مِنَ المراتب السِنيَّة ما يعلو على السَّحاب. زاده اللَّه تعالى مِنْ فضله، وجعله وإيَّايَ مِنْ خيرِ أهله. بمنِّه وكرمه آمين.

كتبه محمد بن عبد اللَّه بن ظهيرة القرشي الشافعي المكي، لطف اللَّه تعالى به. ومِنْ خطِّه نقلت.

وكانت مراسلاته ترِدُ على صاحب الترجمة مِنْ مكَّة، لمزيد اختصاصه به، ووثوقه بمحبَّته وصحبته، بحيث إنه أنشد في بعضها، كما قرأته بخط شيخنا الزَّين رضوان المستملي [مؤرخة محرَّم سنة ثلاث عشرة: بقراءة شيخنا العلَّامة أقضى القضاة، شيخ الإسلام أبي الفضل أبقاه اللَّه تعالى


(١) في (ب): "في الآداب".