للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ديانته بما لم تجرِ عادتي بإثبات مثله، وإنما الحاملُ للإشارة إلى ذلك دَفْعُ مَنْ يتكلَّم بالهوى.

ثم عَظُمَ الكرْبُ واشتد الخطب، وهرع النَّاسُ كبارُهم وصغارُهم، مِنَ الأمراء والقُضاة والعلماء والمباشرين والطَّلبة والصُّلحاءِ أفواجًا أفواجًا لعيادته، واستغاثوا مبتهلين إلى اللَّه تعالى في طلب عافيته.

[مَنْ عاد ابن حجر في مرضه]:

وممَّن حضر إليه: الأمير دولات باي، والقاضي وليُّ الدِّين السَّفطي، وهما ممن ناوأه، وسأله الثَّاني -بعد أن جلس عند باب المجلس الذي فيه أمُّ أولاد صاحبُ التَّرجمة، وحسر عن رأسه حسبما أخبرني به الشَّيخ جلال الدين ابن الأمانة- براءة الذِّمَّة، فقال: ممَّاذا؟

ونحوه ما أجابَ به الشَّيخ مدين، حيث جاءه بعد موت القاياتي شافعًا في وليِّ الدين بن تقي الدين البلقيني ليحصل له الرضا عنه، فقال: أمَّا الظاهر فقد حصل لمجيئكم، وأما الباطن فيحتاج إلى علاج، فسكت الشَّيخ.

وكذا حضرَ إليه الشَّرف يحيى بن العطَّار، وكان منجمعًا عنه، وحصلت بينهما مذاكرةٌ لطيفة، وأظهر شيخُنا بشرى بالاجتماع به على جاري عادته في التودُّد مع مَنْ يفهم منه شيئًا، وأرسل إليه تُحفًا على يد الشَّيخ شمس الدين القِمَني خازن الكتب بالمؤيَّديَّة.

وكذا جاء إليه القاضي كمال الدين بن البارزي، وقاضي القُضاة البدر العنتابي، وكنتُ حاضرًا حين مجيئه، فتذاكرا، وسمعته يقول له: قد سمعتَ على العراقيِّ، وأحبُّ الوقُوفَ على مروياته، فقال له شيخنا: لا يُوجَدُ مجموعُهُ في موضع واحد، مِنْ أجل أنَّه لم يعتنِ بذلك فيما وقفنا عليه، وكذا لم يعتنِ بجمعها ولدُه، بل ولا غيره مِنْ طلبته، لكن أُخرج لكم ترجمته مِنْ "معجم شيوخي"، وفيها الكتب والأجزاء التي قرأتها، أو سمعتها عليه، وهي تأتي على كثيرٍ مِنْ مروياته، فإذا حصَّلْتُم هذا، يتتبع الباقي.