وأما عيون مروياته، فقد ذكرتُ منها شِرْذمة يسيرة جدًا، وإن كان هو قد أفرد لكلِّها "فهرستًا"(١) حافلًا، عمَّ الانتفاع به، إلا أني أحببتُ إيراد جملة من مهمات الكتب وغيرها، مقتصرًا على أعلى طرقه فيها، رغبةً في تمام النَّفع.
وأكثرُ ما أوردتُه هنا مما حدَّث به، على أنه رضي اللَّه عنه، قد حدَّث بجُلِّ مسموعاته مطوَّلها ومختصرها، لم يبقَ مما لم يحدِّث به منها إلا اليسير جدًا، بل ربما حدَّث بالكثير منها مرارًا. وهذا أمر قلَّ أن اتَّفقَ في هذه الأعصار المتأخرة مثله. وكنت أفهمُ عنه الحرص على ذلك، والرغبة فيه، بحيثُ إنني لما قرأت عليه "المعجم الصغير" للطبراني، أظهر السُّرور بذلك، وصرَّح بأنَّه مع كونه مِنَ العوالي - لم يتيسر قراءته حتَّى الآن. وكذا كان يُسَرُّ بما أقرأه عليه مِنَ الأجزاء الحديثيَّة المعاجم والمشيخات، لكون أكثرها لم يحدِّث به قبلُ.
وبالجملة، فما أعلم الآن أكثر مسموعًا عليه مِنْ ذلك بل ومن سائر مروياته ومصنفاته منِّي. كما بينته في غير هذا المحل. ذلك فضلُ اللَّه يؤتيه مَنْ يشاء.
(١) أعمل على تحقيقه، اعتمادًا على ثلات نسخ خطية, يسر اللَّه إتمامه قريبًا.