إلى أن قال: وله غير ذلك مِنَ التًخاريج الحديثيَّة، والمجاميع المفيدة العجيبة، والتَّعاليق المحتوية على فنون الآداب وأنواع العلوم. وله شعرٌ أعذبُ مِنَ الماء الزُّلال، وأعجبُ مِنَ السِّحر، إلا أنَّه حلال. وقد اخترتُ منه، وإن كان كلُّه مختارًا.
قلت: وذكره في غير ما موضعٍ مِنَ الحوادث. وقال في بعضها في ترجيحه على أهل عصره: لو أنفق أَحدُهم ملء الأرض ذهبًا، ما بلغ مُدَّه ولا نصيفه. وكان يقولُ: ما أعلمُ الآن مَنْ أستفيد منه من الحديث غيره.
[ابن نصر اللَّه البغدادي]
ومنهم شيخي بالإجازة: العلامة قاضي الحنابلة المحب ابن نصر اللَّه البغدادي.
فقرأت بخطه في آخر نسخة صاحب الترجمة التي بخطه من تصنيفه "تخريج الرافعي" من نظمه ما نصه، وأرَّخ ذلك بذي القعدة سنة سبع وثلاثين وثمانمائة:
جزى اللَّه ربُّ العرش خيرَ جزائه ... مخرِّجَ ذا المجموع يوم لقائه
لقد حاز قَصْبات السِّباق بأسرها ... وفاز لمرقى لا انْتِهَا لارْتِقَائِهِ
يدومُ له عِزٌ به وجلالَةٌ ... وذكرُ جميلٌ شامخْ في ثنائه
فلا زال مقرونًا بكلِّ سعادةٍ ... ولا انفكَّ محروس العُلا في اعتلائه
ولا بَرِحَت أقلامُه في سعادةٍ ... تُوقِّع بالأحكام طُولَ بقائه
وخرِّقت العادات في طول عمره ... تزيدُ على الأعمار عند وفائه
وكتب بخطه -كما سيأتي- في يوم ولايته الثانية للقضاء بعد عزل الهروي ما نصه: كان يومًا مشهودًا، وحمل للناس سُروران عظيمان، أحدهما: بولايته، لأن محبَّته مغروسة في قلوب الناس، والثاني: بعزل