الوزن، فغيَّرها بلفظ "سوى" ليتَّزن، لكن يُعَكِّرُ عليه أنَّ البيت الثاني مِنْ بحر السريع. ومقتضى ذلك أن يكون الأول كذلك، وهو موزون بإثبات "إلا" لا بما غيَّره. وغايته أنه مجزوم بالزاي، إن كانت الواو ثابتة في الأصل، وإلا فهي زائدة.
[التعقب على حلّ لغز]
ومنه ما كتبه بخطه، حيث قال: قرأت في ترجمة الشريف محمد بن
حسين التِّلمساني القاضي عنه، قال: كنتُ مع القاسم بن محمد الصَّنهاجي،
فورَدَت عليه يومًا طومارة من عند القاضي أبي الحجاج الطرطوشي فيها.
خيراتُ ما تحويه مبذولةٌ ... ومَطْلَبي تصحيفُ مقلوبها
فقال: ما مطلوبه؟ قلت: تاريخ.
فقال شيخنا: هكذا في الأصل، بالمثنَّاة أوله والمعجمة آخره.
فكتب الشيخ بدر الدين البشتكي في الهامش قوله: تصحيف لغوٌ مُخِلٌ بالمعنى.
فاعترضه أبو الفضل بن الإمام -ومِنْ خطه نقلت- فقال: مجرَّدُ القلب لا يُؤَدِّي لفظَ تاريخ، لأنَّ "خيرات" تحتج إلى أمرين:
أحدهما: القَلْب، وهو تأخير ما تقدَّم مِنَ الحروف، وتقديم ما أُخِّر.
والثاني: التَّصحيف، وهو تغييرُ حركات الأصل إلى حركات [المواد، لأن الحركات](١) كالأعراض لمادة الحروف، وكأن المعترض فَهِم أنَّ التصحيفَ يختصُّ بالحروف، وهو فهم لا يصحُّ؛ لأن التصحيف أعمُّ.
قلت: والحق أنَّ البَشتكيَّ بنى الأمرَ على اصطلاح المتأخرين، وهو أن التصحيف للنَّقط، والتَّحريف للشكل، أو على أنَّ مجرَّد الحُروف إذا وَجَدَتْ بعدَ الخطِّ موافقًا خطها للمراد يكفي، وهو كذلك. وإذا ابتدأت بالحرف الأخير، وهو التاءُ، فتحت لضرورة الألف بعدها. ثم لا يبقى بعدَ