للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكني أتحقَّق أنَّه ما مات حتى رجع عن مقالته. وثبت عنده جلالته، رحمهما اللَّه وإيانا.

وقوله: "وليس أوَّل سار" أشار به إلى ما كتب به القاضي الفاضل إلى الشيخ عبد الدائم العسقلاني، يلتمس منه أنه يواخيه في اللَّه، فكتب إليه:

ما أنتَ أوَّل سار غرّه قمرٌ ... أو رائدٌ أعجبته خُضْرةُ الدِّمَنِ

فانظر لنفسك غيري إنني رجلٌ ... مِثل المُعَيْدِيِّ، اسمعْ بي ولا تَرني

حكى ذلك الرَّشيد العطار في "نصر بن ظافر" من "معجمه".

وحكى غيره أن بعضهم ارتحل (١) إلى الحريري من مكان بعيد للأخذ عنه. فلما وصل إليه، استأذن عليه. فخرج الحريري إليه فسأله: ما الذي تريد؟ فقال: أريد الحريري. قال: هو أنا، فما حاجتك؟ فاحتقر هيئته، وقال له: أنت الحريري؟! وكرر ذلك، فأنشده الحريري:

ما أنتَ أوَّل سارٍ غرَّه قمرٌ ... أو رائدٌ أعجبته خُضْرةُ الدِّمنِ

رحِّل قَلُوصَك عني إنني رجلٌ ... مِثلُ المُعَيْدِيِّ، اسمعْ بي ولا تَرَنِي

انتهى.

وأشار إلى المثل السائر "لأن تسمع بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ مِنْ أن تراه".

ويقال: إنَّ أوَّلَ مَنْ قاله النعمانُ بنُ المنذر للصَّقعب بن زهير النهدي] (٢).

[[أبو شعرة الحنبلي]]

ومنهم: العلامة الزاهد أبو الفرج عبد الرحمن بن سليمان الحنبلي،


(١) في (أ): "وذكر بعضهم ارتحل".
(٢) من قوله: "وقوله: وليس أول سار" إلى هنا لم يرد في (ب)، وورد في هامش (ح) بخط المصنف.