للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيخُ صدر الدين ابن الوكيل، الذي لم يثبُت لمناظرته غيرُه.

ومن أعجب العجب (١) أنَّ هذا الرجل كان أعظمَ النَّاس قيامًا على أهلِ البدع مِنَ الرَّوافض والحُلوليَّة والاتحاديَّة، وتصانيفُه في ذلك كثيرة شهيرة، وفتاويه فيهم لا تدخُل تحتَ الحصر، فيا قُرَّة أعينهم إذا سمعوا تكفيره (٢)، ويا سُرورَهم إذا رأوا مَنْ يكفِّره من أهل العلم!

فالواجب (٣) على مَنْ تلبَّس بالعلم، وكان له عقلٌ أن يتأمَّل كلام الرَّجُلِ مِنْ تصانيفه المشهورة، أو من ألسِنَةِ من يُوثَق (٤) به من أهل النَّقل، فيُفرد مِنْ ذلك ما ينكر، فيحذر منه على قصد النُّصح، ويثني عليه بفضائله فيما أصاب من ذلك، كدأب غيره من العلماء الأنجاب.

ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير الشيخ شمس الدين أبن قيم الجوزية، صاحب التصانيف النافعة السائرة، التي انتفع بها الموافق والمخالف، لكان غاية في الدلالة على عظيم منزلته، فكيف وقد شهد له بالتقدُّم في العلوم، والتميُّز في المنطوق والمفهوم أئمةُ عصره مِنَ الشَّافعية وغيرهم، فضلًا عَنِ الحنابلة.

فالذي يُطلِقُ عليه -مع هذه الأشياء- الكفر، اْو على مَنْ سمَّاه شيخ الإسلام، لا يُلتفت إليه، ولا يُعوَّلُ في هذا المقام عليه، بل يجب ردعُه عَنْ ذلك، إلى أن يُراجع الحقَّ (٥)، وُيذعن للصَّواب، واللَّه يقول الحقَّ، وهو يهدي السبيل، وحسبُنا اللَّه ونعم الوكيل.

[[تقريظ شرح عقود الدرر في علوم الأثر لابن ناصر الدين]]

ومنه ما كتب به قبل ذلك في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة على


(١) في (ط): العجائب.
(٢) في (ح): بكفره.
(٣) في (ط): "فالجواب"، تحريف.
(٤) في (أ): "يؤثر".
(٥) في (ط): "إلي أن يرجع إلي الحق".