وممن جاء لعيادته الشَّيخ مِدين، وأحضر له كتابًا كان في عاريته، وعُدَّ هذا مِنْ مكاشفاته.
إلى أن كان يوم الثلاثاء رابع عشري ذي الحجة، حضر عنده قاضي المالكية البدر بن التِّنسي مع الجماعة على العادة للسَّلام عليه، فأطال الجلوس معه، واستأنس به، وبعد أن ظهروا، استدعى بالوضوء، وأخذ يتوضَّأ، فما تمكَّن، ومِنْ يومئذٍ اشتدَّ مرضُه جدًا، بحيث صار يصلِّي الفرضَ جالسًا، وترك قيامَ اللَّيلِ، وصُرعَ يوم الأربعاء، ثم تكرَّر ذلك منه، وسُمِعَ منه يوم الجمعة عند الأذان لها إجابةُ المؤذِّنِ.
وكانت وفاتُه ليلة السَّبت ثامن عشري ذي الحجة، بعد العشاء بنحو ساعة رمل، بعد أن جلس حولَه سبطُه ومِنْ جماعته الفخرُ بن جَوْشَن، والشيخُ شمسُ الدِّين السُّباطي، والشهاب الدَّوادار, وقرؤوا عنده سورة يس مرَّة، ثم أعيدت إلى قوله تعالى:{سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}، ثم مات.
وتولى السُّنباطي المذكورُ تغميضَه، وأخذ ولدُه يومَ السبت في تجهيزه، فغُسل بحضرةِ الشَّيخ زين الدين البُوتيجي, ويقال: إنه لم يخرج منه كثير شيء.
[[جنازته]]
وحصل -وهو على الدكة وكذا في حال المسير بجنازته- غيمٌ، وأرخت السَّماءُ مطرًا خفيفًا جدًا لا يُبلُّ الثياب شبه الغبوق.
وقد أشار إلى ذلك ابن النقاش في مرثيَّته الآتي ذكرُها، وغيره، وعمل ذلك في بيتين الشِّهابُ المنصوري وغيره كما سيأتي (١).
وكُفِّنَ في إزارٍ في وسطه ساترٌ للعورة شُدَّ بحفاظٍ ولفافتين لجميع بدنه وقميص وعمامة، فهذه خمسة. قال لي سبطه: وثوبٌ آخر، فاللَّه أعلم. وجعلوا على تابوته مُرَقَّعَة الخانقاه الصلاحية.