للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نسخةٍ مِنَ "المستدرك" في ستِّ مجلدات، فوجدت في هامش صفحةٍ مِنْ أثناءِ النِّصف الثاني مِنَ المجلد الثاني: "إلى هنا انتهى الحافظ الحاكم". ففهِمْتُ مِنْ هذا أنَّه قد حرَّر مِنْ أوَّلِ الكتاب إلى هنا، وأنَّ الباقي استمرَّ بغير تحريرٍ، ولذلك يُوجَدُ فيه هذا النوع مِنْ أنه يورِدُ الحديثَ بسنده، ولا يتكلَّم عليه.

وأما اليمنيات:

فمن جملة ما ورد السُّؤال عنه مِنْ هناك مِنَ العلَّامة السيد البدر حسين بن عبد الرحمن بن محمد الأهدل عَنِ الخضرِ صاحب موسى عليهما السلام، وبيان الاختلاف في بقائه ونُبُوَّتِهِ وغير ذلك، وهي في غاية التحرير في كتاب "الإصابة" للشَّيخ، فلا نُطيلُ بإيرادها، لكن سمى هذه "الزهر النضر في نبأ (١) الخضر"، وختمها بزيادة، فقال: والذي تميلُ إليه النَّفسُ مِنْ حيثُ الأدلَّةِ القويَّةِ خلافُ ما يعتقدُه العوام مِنَ استمرارِ حياته.

لكن ربَّما عرضت شبهةٌ مِنْ جهةِ كثرة الناقلين للأخبار الدالّة على استمراره، فيقال: هبْ أنَّ أسانيدها واهيةً، إذ كلُّ طريقٍ منها لا تسلَمُ مِنْ سبب يقتضي تضعيفها، فماذا نصنع في المجموع؟ فإنَّه على هذه الصورة قد يلتَحِقُ بالتواتُرِ المعنويِّ الذي مثَّلُوا له بجُود حاتم، مع إحتمال التأويل في أدلة القائلين بعدم بقائه كآية {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} [الأنبياء: ٣٤]، وكحديث "رأس مائة سنة"، وغيرِ ذلك ممَّا تقدم بيانه.

وأقوى الأدلة على عدم بقائه: عدمُ مجيئه إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وانفراده بالتعمير مِنْ بين أهل الأعصارِ المتقدِّمةِ بغيرِ دليلٍ شرعيٍّ، والذي لا يتوقَّفُ فيه الجزم بنبوَّتِه (٢)، ولو ثبتَ أنه مَلَكٌ مِنَ الملائكة، لارتفعَ الإشكال كما تقدَّم، واللَّه أعلم.


(١) في (أ، ح): "بيان".
(٢) في (ب): "بثبوته"، تحريف.