للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمَّا أن عُزِلْتُ جعلتُ أشدو ... لقد أنقذت مِنْ شرٍّ كبير

ومدَّة ولاياته في المِرار كلِّها تزيد على إحدى وعشرين سنة بأشهر.

[[بعض أعماله في القضاء:]]

وكان -رحمه اللَّه- ذا دُرْبَةً (١) بالأحكام، وخبرةٍ بالمصطلح، له قوماتٌ في اللَّه تعالى، لا سيَّما في ولايته القضاء. فمِنْ ذلك أنَّه في السَّنة الأولى من ولايته، عقد مجلس بسبب أخذِ الزكاة مِنَ التُّجار، فقام مع التُّجار قصدًا لعدم تطرُّق الظلم إليهم (٢)، وأيَّدهم بقوله: أما التُّجَّار، فإنهم يؤدُّون إلى السَّلطنة مِنَ المكوس أضعافَ مقدار الزكاة، وهم مأمونون على ما تحت أيديهم مِنَ الزكاة، وأمَّا زكاةُ الماشية، فليس في الديار المصرية -غالبًا- سائمة، وأمَّا زكاة النَّبات، فغالبُ مَنْ يزرع مِنْ فلَّاحي السلطان أو الأمراء. وتبِعَهُ المالكي والحنبلي، وانفرجت عَنِ التُّجار وغيرهم. فرحمه اللَّه تعالى ورضي عنه.

ومنه كائنة الشيخ شمس الدين محمد (٣) بن عمر الميموني، حكم التَّفَهْني بزندقته وسفْكِ دمه، وكان فيها شائبة نفسية، والتمس التَّفَهْني مِنَ الحنبلي التَّنفيذَ، فامتنع إلَّا بعد الشَّافعيِّ، وهو صاحب التَّرجمة، فسُئِلَ فامتنع حتى قال له السلطان، فقال: قد وقَعَتْ عندي ريبةٌ تمنع مِنَ التَّنفيذ، ثم أبداها، وكانت قضية (٤) طويلة، تعصب أكثر الجند (٥) وغيرهم فيها على الميموني تبعًا للتَّفَهْني، وآل أمره إلى أن انفك مِنَ القتل على يد صاحب التَّرجمة قصدًا للحق.

ونحوُ هذه الواقعة في زمن التقي بن دقيق العيد كائنة فتح الدين


(١) في (أ): "رتبة"، تحريف.
(٢) في (أ): "عليهم".
(٣) في (طـ): "شمس الدين بن محمد"، خطأ. وانظر الضوء اللامع ٨/ ٢٧٠.
(٤) في (ط): "قصة".
(٥) في (أ) و (ب): "الحنفية".