للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستمرت هذه الخطابة، وكذا الإمامة، بالجامع المذكور بيد صاحب الترحمة، وينوب عنه في الخطابة أيام تلبُّسه بالقضاء، وكذا في غيرها غالبًا، موقِّعُه ناصر الدين بن المهندس المصري.

واستخلف في أحد العيدين مرَّة شمس الدين اليلداني الدمشقي، خطيب الثابتية بها، أحد مَنْ قرأ عليه "الصحيح"، ووقع ذلك عنده موقعًا عظيمًا، خصوصًا وقد أمره شيخُنا بالمبيت عنده بالمقعد، وأذِنَ له في ركوب بغلةٍ مِنْ بغاله، ولشدَّة سروره بذلك استكتب شيخنا بما أشرتُ إليه، ليكون له الفخارُ بذلك على خُطباء دمشق.

ولمَّا مات صاحبُ التَّرجمة، استقرَّ فيها أبو الخير النحَّاس، وهي الآن بيد فقيه الشافعية الشرف المناوي، [ثم أخذها بعده ولده زين العابدين، ثم ولداه] (١).

[[وظيفة خزن الكتب:]]

وأمَّا خزن الكتب، فإنه كان بيده خزانة الكتب بالمدرسة المحمودية الكائنة بالموازيين، وكان قد عزل عنها خازنها (٢) الفخر عثمان، المعروف بالطَّاغي، في سنة ست وعشرين وثمانمائة، لكونها نقصت بتفريطه العُشر، وهو أربعمائة مجلد، لأنَّ كتبها كانت أربعة آلاف مجلدة، وهذه الكتب من أنفس الكتب الموجودة الآن بالقاهرة، جمعها القاضي برهان الدين بن جماعة طول عمره، ولمَّا مات اشتراها محمود مِنْ تركةِ ولده ووقفها، وشرط أن لا يخرج منها شيءٌ من المدرسة ولنفاسة كتبها، رغب شيخُنا في مباشرتها بنفسه، وعمل لها فهرستًا على الحروف في أسماء التصانيف ونحوها، وآخر على الفنون، وقد انتفع بذلك ونفع اللَّه به، فإنَّه كان يقيم بها في الأسبوع غالبًا يومًا، وفي مدة الأسبوع يكتب في (٣) قائمة ما يحتاج لمراجعته منها بسببه


(١) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
(٢) في (أ): "صاحبها".
(٣) "في" ساقطة من (أ).