للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عرف بأبي شَعَرة (١).

فبلغني عنه أنه كان يُكثرُ التأسُّفَ عن عدم أخذه الفنَّ عَنِ الحافظين العراقي وولده، لكن يقول: نحمد اللَّه على وجود الشيخ شهاب الدين ابن حجر. وأمرَ بالتقاطِ زوائد "تهذيب التهذيب" له على أصله، فأُفرِدَتْ بالتَّصنيف. وكان ذلك قديمًا في سنة أربعين، وهو إذ ذاك مجاوِرٌ بمكة مِنْ نسخة قديمة كانت للشيخ نجم الدين المَرجاني، وتولى إفراد ذلك بإشارة الشيخ قاضي المالكية بمكة الآن، العلامة محيي الدين عبد القادر بن أبي القاسم بن أبي العباس الأنصاري، أمتع اللَّه بحياته، وذكر لي أن المذكور حضه على الرحلة لصاحب الترجمة، واغتنام الأخذ عنه، وقرر وجوب ذلك، رحمها اللَّه.

[[شمس الدين البساطي]]

ومنهم: العلامة المحقق شمس الدين البساطي.

فسمعت غير واحد يحكي لنا عنه أنه كان يقول: ما رأينا أشد ذكاءً منه، ولا أسرع إدراكًا، يتسفط بذلك على التكلُّم في كل ما يروم، ولو كان عارفًا بمصطلحات أرباب العلوم في مسمَّياتهم، ما كان كبيرُ أحدٍ يقاومه. ولقد كنت أشرَعُ في استشكال شيء أو إيراده، فقبل أن يتمَّ كلامي، يتلَّقاه فيقرِّرُه على أحسن وجه، ثم يُعقِبُه بالجواب المُزِيل للَّبس. وما كنت سائلًا قط إلا وصيَّرني مسؤولًا، بل حكى عنه ولدُه أنَّه كان يقول ما حاصلُه: إنَّه لا احتياج لحضورنا مع صاحب الترجمة في مجلس الحديث بالقلعة، إشارةً إلى كفالته بذلك، وأنه هو المعوَّلُ عليه فيه.

قلت: وسمعت مَنْ يحكي عنه أنه سأل حافظ الوقت الزَّين العراقي عَنْ حديث، فما استحضر إذ ذاك مَنْ أخرجه، وأنَّ الشيخ برهان الدين الكركي أشار على البساطي أن يسأل صاحبَ التَّرجمةِ عنه ففعل، فأجابه في


(١) كذا في الأصول، والمعروف أنه "أبو شعر" بدون تاء التأنيث. وانظر ما تقدم ص ١٨٢.