بحظٍّ، القويِّ الحافظة في الرِّواية، الذَّكيِّ القريحة في الدِّراية، الضابط لقواعد السند والمتن بالتَّحقيق، العالم بمعاقد الاتصال والانقطاع والتَّعليق. العارف بأسماء الرِّجال وأحوالهم، المطلع على مبدأ أُمورهم ومآلهم. شيخ مشايخ الإسلام إلى دار السلام، أعلى اللَّه درجته في علِّيِّين، وجعل له لسان صدق في الآخرين.
قلت: هذا لعمري حين ذهاب علم الحديث وانقطاع خبره، وزوال طلبه، وانطماس أثره، فقيل: لا. بل ثمَّ علماء أعلام، وفقهاء حكام. وخلف تلامذةً ما بين حفاظ مُتفنِّنين وعلماء متقنين، فقلت مُصِرًّا على الدَّعوى:
حلف الزمانُ ليأتينَّ بمثله ... حنَثتْ يمينُك يا زمانُ فكفِّر
هلا شققتم مثل ما شقَّ الدُّجا ... جيبَ الصَّباحِ وشُقّت الأقلامُ
هلَّا لبستم للحداد ملابسًا ... أو ما النَّجومُ حدادُها الإظلامُ
لا تحسبوا حُزنًا عليه قد مضى ... للحزن فيه مع الزَّمان دَوامُ
ثم ذكر أسئلته، أدام اللَّه عليه نعمته.
[[أبو ذر الحلبي]]
ومنهم: محدث حلب الآن، الموفق العلامة أبو ذر ابن شيخ الإسلام البرهان الحلبي، رحمه اللَّه.
فقرأت بخطه كرَّاسةً ترجم فيها صاحب الترجمة، قال فيها: قاضي القضاة بالممالك الإسلامية، إمامُ الأئمة، وعالمُ الأُمة، الشيخ الإمام العالم العلامة، الحافظ الناقد الجهبِذ، خاتمة الحُفَّاظ، حامِلُ راية الإسناد، من لم تر عيناي مثله، بل ولا عينُه في فنِّه.
إلى أن قال: وكتب، وخرَّج، وحصَّل، وأدَّب، وألَّف، واختصر، وسار ذكرُه في الآفاق، وانتشر أمره. وشرح "البخاري" شرحًا عظيمًا، لم