الماءَ المشمَّس يُورِثُ البرص، ضعيفٌ باتِّفاق المحدِّثين، ولم يوثِّقهُ إلا الشَّافعي، وقول الإسنوي: إنه وثَّقه جماعةٌ غيرُ الشَّافعي، وعدّهم، ثم قال: ولو لم يوثَّقه غيرُ الشَّافعي، لكان حُجَّةً، فأيُّ القولين أرجح، وما لفظُ الحديث الذي رواه الدَّارقطني في المُشَمَّس، وعن مِنْ هو، وهل هو صحيحٌ أم لا؟
وفي قول الإسنوي في شرحه في "المنهاج": إنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل مكَّةَ يوم الفتح وعلى سيفه ذهبٌ وفضَّة. ونقلَ تحسينَه عَنِ التِّرمذي. فهل قوله:"ذهبٌ" في الحديث، أو مِنَ النَّاسخ: فإنَّ الشافعيَّة يقولُون بتحريم حِلْيَة آلة الحرب بالذَّهب بلا خلاف، وصحَّحُوا أيضًا تحريمَ تمويهها بذهبٍ لا يحصُل منه شيءٌ بالعرض على النَّار.
[[تضعيف حديث الماء المشمس]]
فأجاب بما نقلته مِنْ خطه: قول الإسنوي: "لكان حجةً"، ليس على إطلاقه وإنَّما هو مقيَّد بمن يقلِّدُ الشَّافعي، كما صرَّح به ابنُ الصَّلاح في "علوم الحديث" أن الإمام الذي له أتباعٌ يقلِّدُونه فيما يذهب إليه إذا احتج براوٍ ضعَّفه غيرُه، كان ذلك الرَّاوي حُجَّة في حقِّ مِنْ قلد ذلك الإمام.
وأمَّا لفظُ الحديث عند الشافعي، فقال: أخبرنا إبراهيمُ بنُ محمَّدٍ، أخبرني صَدَقَةُ بن عبد اللَّه، عن أبي الزَّبير، عن جابر، أنَّ عمر رضي اللَّه عنهما كان يكره الاغتسال بالماء المُشَمَّس، وقال: إنَّه يُورِث البَرَصَ.
وأمَّا حكم الحديث على طريقة المحدثين، فليس بصحيحٍ، لعلل:
أولها: ضعْفُ إبراهيم. وفي قول الشَّيخ جمال الدين: إنَّه وثَّقه جماعةٌ غيرُ الشَّافعي نظر، فإنَّا لا نعرف مَنْ صرَّح بأنَّه ثقة، وإنَّما نقل الحافط أبو أحمد بنُ عدي عن الحافظ أبي العباس بن عقدة أنه قال له: تعلمُ أحدًا أحسنَ القولَ في إبراهيم بن أبي يحيى غيرَ الشَّافعي؟ قال: نعم، حدَّثنا