للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلم والمقبلين علي الحديث النبوي بخصوصه إقبالًا كلِّيًّا. كلّ ذلك قصدًا للتنويه بالمكتوب بسببه، ورجاءً لبلوغ قصده وأربه. وكذا نوَّه بذكر أصغر خدامه مصنف "الجواهر" [بغير ما أوردته أيضًا مما] (١) لا أتشاغل ببثِّه هُنا.

ويا لهفي على فراقه إلى أن ألقاه. فماذا فقدت مِنْ علم وحلمٍ وتواضع وإنصاف وبذل وبشاشة وأوصاف لا أُدرِكُ الإحاطة بها. وإذا تأمَّلت آخر قصيدة في الفصل الخامس مِنَ الباب الذي قبلَه (٢)، علمتَ شدَّة تواضُعه وهضْمَ نفسِه إلى الغاية رحمةُ اللَّه عليه.

[[انبساطه:]]

وأما انبساطه، لا سيما في محالّ النُّزه، فمعلوم. وربما لعب الشَّطرنج، لكن في النادر جدًّا، بحيثُ لم يضبط عنه غير المرَّة والمرتين، مع كونه عاليةً فيه، يلعبُه استدبارًا. فممَّا ضبط عنه لعبُه به مع الشهاب الرِّيشي أحد جماعته بالمناوات بعد أن خطمه رخًّا (٣). وزعم العالية محمد الحلوائي الملقب البُخْش، وهو مِنْ مدة تزيد على ثلاثين سنة عالية، أنَّه لعبه معه مرة سبع دسوت، فضله صاحبُ التَّرجمة بثلاثة منها، وتساويًا في باقيها، واللَّه أعلم.

وكان يلعبه مع صهره الشهاب بن مكنون في أوقات راحته. وحكى لي سبطه أنَّه لعبه بعد سنة آمد مع بعض المعتبرين. قال: وأظنه البدر بن الأمانة.

ورأيت بخطِّ بعض الأعيان مِنْ الحلبيين -كما أسلفته في الباب الثاني (٤) - ما نصُّه:

وأما لطائفه وملاطفته للطلبة والإحسان إليهم، فلا تكاد تُوصف، وقد كنتُ أسمع به وبأوصافه، فلما شاهدته رأيتُه فوق ذلك.


(١) ما بين حاصرتين ساقط مِنْ (ب)، وأضافه المصنف بخطه في هامش (ح).
(٢) ص ٨٨٦، ومطلعها:
بني علي قد تفاقم وزره ... فليس على مِنْ خاض في عرضه وزر
(٣) الرخ: مِنْ أدوات الشطرنج. قال في "القاموس".
(٤) ١/ ٣٢٢.