للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرُها مِنْ أمَّهات المؤمنين، فمهما فُرِضَ لعائشة رضي اللَّه عنها مِنَ الأجر يكونُ لخديجة رضي اللَّه عنها نظيرُه، فلا يحصُلُ لامرأةٍ مِنْ هذه الأمة كفضل خديجة رضي اللَّه عنها.

وقد أصيبت فاطمةُ رضي اللَّه عنها بها، لكنَّه شاركها في ذلك أخواتها، ثم سكنت فاطمةُ إلى أخواتها رضي اللَّه عنهن وأكبرهن زينب، فماتت فثكلَتها فاطمةُ، وكذا ماتت رقيَّةُ وأمُّ كلثوم رضي اللَّه عنهما، فكُنَّ جميعًا في صحيفةِ فاطمةَ رضي اللَّه عنها.

ثم مع فقدها مَنْ كانت تُسَرُّ به مِنْ أمِّها وأخواتها، ثكلَت والدها عليه الصلاة والسلام، فلم يبق بعده مِنْ ذلك النوع ما تُسَرُّ به، فلذلك كمِدَتْ ولم تَعِشْ بعده -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا ستَّةَ أشهرٍ على الصَّحيح.

فإذا عُرِفَ قدرُ ما حصل لها مِنْ ذلك، عُرِفَ أنَّه لا يقدر قدره، فما يشاركها غيرُها فيما حصل لها مِنَ الأجُور عن ذلك. فلذلك اختصت بما اختصت به.

ثمَّ إنَّ ما لم يحصُل بها مِنَ الانتفاع بالعلم لم يكن مِنْ تقصيرها، بل لسُرعة انتقالها بعده -صلى اللَّه عليه وسلم- وجاز أنَّها لو عاشت مثلًا، لانتشر عنها مِنْ ذلك قدر ما انتشر عَنْ غيرها، واللَّه أعلم.

[هل أذَّن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-]

ومنها أنه سئل: هل صحَّ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أذَّن في بعض أسفاره؟

فأجاب: وقع في "التِّرمذي" ذلك، لكن أخرجه أحمدُ في "المسند" مِنْ الطَّريق الذي أخرجه التِّرمذي، فقال فيه: فأمرَ بلالًا رضي اللَّه عنه فأذَّنَ، فظهر بذلك أنَّ مَنْ أطلقَ أنَّه أذَّنَ تجوزَ في ذلك، كما يقال: أعطى الخليفةُ فلانًا كذا وكذا، والذي يباشر العطيَّة هو الخازن مثلًا، فيكون معنى "أذن": أمر بالأذان (١).


(١) قال السفيري في مختصره: قلت: قال شيخُنا الجلال السيوطي في "شرحه" على =