ومن الحنفية العيني وابن الديري، ومِنَ المالكية الشهابُ بنُ تقي، حسبما نبَّه عليه الشيخ أبو القاسم النُّويري في "القول الجاذ لِمَن قرأ بالشَّاذِّ" مِنْ تصانيفه، رحمة اللَّه عليهم أجمعين.
[[رواية الحسن البصري عن علي]]
ومنها: أنه سئل عن قول الحافظ تقي الدين محمد بن الحسن اللخمي ابن الصيرفي، مَنْ قال مِنْ الأئمة: إن الحسن لم يَلْقَ عليًا، أو لم يثبت له سماع منه، فهو مشكل، ولم يَقُمْ عليه دليلٌ ظاهرٌ، وهو معارَضٌ بما رواه الحافظُ أبو يعلى، قال: حدَّثنا أبو عامر حَوْثَرَة بن أشرس العدوي، أخبرني عُقبةُ بن أبي الصَّهباء الباهلي، سمعتُ الحسنَ يقول: سمعتُ عليًّا رضي اللَّه عنه يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَثَلُ أُمَّتي مَثَلُ المطر، لا يُدرَى أوله خيرٌ أو آخره. إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، طوبى للغرباء"، فهو نصُّ صريحٌ في سماعه منه، ورواتُه ثقاةٌ، متَّصلٌ بالإخبار والتحديث والسماع. حوثرةُ وثَّقه أحمد، وهو معروف بالرواية عَنْ عُقبةَ، وعُقبةُ وثَّقه أحمد وابن حبان وابنُ معين، انتهى. هل هو صحيح أم لا؟
فأجاب بما نقلته مِنْ خطه: هذا البحث الذي أبداه الصَّيرفيُّ لا يستقيم على قواعِدِ أئمَّةِ الحديث، وإنما يستقيم على قواعد بعضِ أهل الأصول والفقه، لأنَّ مِنْ قاعدة أئمة لحديث عندَ اختلاف الرواة في التَّنافي، تقديمَ قولِ الأكثر والأحفظ والأعرف بالشيخ الذي وقع الاختلافُ عليه، بأن يكون طويلَ المُلازمة له، إمَّا لقرابته منه، لكونه ولدَه أو أخاه أو مِنْ عصابته أو ذوي رحمه، أو لكونه مِنْ جيرانه، إلى غير ذلك. ونشأ لهم ذلك مِنْ اشتراطهم في الصَّحيح وفي الحسن أن لا يكون شاذًّا بعد أن يعرِفوا الشُّذوذَ الذي يشترط نفيه هنا أن يخالف الراوي في روايته مَنْ هو أرجحُ عندَ مَنْ يَعتبِرُ الجمع بين الروايتين، بخلافِ الفقيه والأصولي الذي أشرت إليه، فإن مِنْ قاعدته تقديمَ مِنْ معه زيادة، فإذا أثبت الراوي عن شيخه شيئًا، فنفاه مَنْ هو أحفظُ منه أو أكثر عددًا أو أكثرُ ملازمةً، قالوا: المثبِتُ مُقدَّم على النافي، فقيل: ومِنْ ثمَّ قال ابن دقيق العيد: إن كثيرًا مِنَ العلل التي يرُدُّ بها