للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في تصانيفه وغيرها، ليتذكره في يوم حلوله بها كما شاهدته بخطه، وتيسَّر على يده عَوْدُ أشياء ممَّا كان ضاع قبله، واستمر بيده حتى مات، فأخذها أبو الخير أيضًا. [وهي الآن باسم الزَّيني سالم إمام أتابك العساكر أزبك الظاهري، تلقَّاها عن حافظ الدين أحمد بن الجلالي، وهو تلقَّاها عن والده شمس الدين، وهو عن التُّريكي صاحب النحاس المذكور] (١).

[[دروس ابن حجر:]]

وكان -رحمه اللَّه- إليه المنتهى في إلقاء الدروس على طريقةٍ لم أر نظيرهُ فيها، ويأتي في كل فن مِنْ بنات فكره استنباطًا واستدراكًا وتشكيكًا بما يُبهر عُلماء ذلك الفن، بحيث يقضون له بالسِّيادة فيه. وكيف لا يكون كذلك، وهو كان الغاية في شرعة الإدراك، بحيث أطلق عليه غيرُ واحد مِنَ الأئمة أنَّه أذكى أهلِ عصره، وأحسنُهم كَلامًا في الأشياء الدَّقيقة، مع الإنصاف التَّامِّ، والرجوع إلى الحق في المباحث، ولو على لسان آحاد الطَّلبة، وربما كان في بعض المواطن مستفيدًا [في زيّ مفيد] (٢)، ولا يتنبَّه لطريقته في ذلك كبيرُ أحد، لكن لا أُطيل بتبيين ذلك.

[وكان إذا تأمَّل شيئًا رفع رأسه، وجعل ظاهرَ يده وهي مقبوضة تحت لحيته غالبًا.

وبلغني عن الشِّهاب بن المجدي أيضًا -وهو ممَّن كان يوازي شيخنا في وفور الذكاء- أنه كان أيضًا إذا فكَّر في شيءٍ يرفع رأسه ويتنفَّس.

ويُقال: إن الفكر يجتمع حينئذٍ، بل لعلَّ شيخنا كان يقصد القرب من فعل السُّنَّةِ، ففي الحديث. أنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كان إذا همَّه أمرٌ نظر إلى السماء. وللأوزاعي عَنِ الزُّهري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي اللَّه عنها، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا أهمّ قبض على لحيته] (٣).


(١) و (٢) ما بين حاصرتين ساقط من (أ).
(٣) من قوله: "وكان إذا تأمل شيئًا" إلى هنا لم يرد في (ب).