للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن نيران قلبه ذكية، ورَوِيَّتُه مثل بديهته سقيمة مما يقاسيه (١) مِنْ هذي البرية، وكان صدرُ قلمه أقسم أن لا يعود في العقد بسحر البيان نفَاثًا، وطلَّق أبكارَ هذا الفن الذي لا يلتفت إليه أحدٌ ثلاثًا، لكن لم يستطع مخالفة الإمام، لأنَّها مما وجب، وامتثال المراسم -كما يقال- مِنْ سلوك الأدب. ومع ذلك، فسِنان قلمه عن واجب وصف هذا الإمام غير مسنون، وصدر كَلِمه لا يرضاها لهذا الجوهر المكنون، فلا برح هذا الإمام متمسكًا مِنْ ولاء ممدوحه بأمتن سبب، ولا زال كنزًا لجواهر الأدب، يستغني به إلى أن يستغني عن الأدب إن شاء اللَّه تعالى بمنِّه وكرمه.

[وقد قرض شيخنا لابن حجّة قصيدته الثانية التي امتدح بها البدري بن مزهر حسبما أشار إليه النواجي في "الحجة"، فينظر] (٢).

[تقريظ عجاله القرى للتَّقي الفاسي]

ومنه ما كتب به على "عجالة القري في مختصر تاريخ أم القرى" للتقي الشريف الفاسي مما قرأته بخطه:

الحمد للَّه الذي جعل من تولَّاه بعنايته تقيًّا، وفضَّل بعضَ خلقه على بعض، فرقَّى منهم سعيدًا، وأردى منهم شقيًا، وشرَّف بعض الأمكنة على بعضر، فاختصَّ البلد الحرام بالأمن والمحبة والبركة، وكفى بذلك فخرًا (٣) مرضيًا.

وصلى اللَّه على سيدنا محمد أرفع العالمين قدرًا عليًا، وعلى آل محمد وصحبه الأبرار المتقين، الذين حفظوا السُّنَنَ ونقلوها، وعرفوا معانيها وعقلوها (٤)، ونظروا إلى الدنيا بعين الازدراء، فما مقلوها. صلى اللَّه عليهم أجمعين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.


(١) في (ب): "يناسبه". تحريف.
(٢) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب)، وأضافه المصنف بخطه في هامش (ح).
(٣) "فخرًا" ساقطة من (ب).
(٤) في (أ): "وعلقوها"، تحريف.