الإفراط في كلٍّ مِنْ ذلك، والذي ينكر ذلك مِنْ غيرِ أهل العلم بالعربية والقراءة يُمْنَعُ ويُردَعُ، فطريقُ مثله أن يوافِقَ الجمهور ولا يخالِفَهم، ولا يتابعُ مَنْ شذَّ منهم عن جماعتهم (١).
وأما مَنْ كان مِنْ أهل العلم بذلك. ووضح له دليلُ المسألة، ورجح عنده مسْتَنَدُها، فلا يتوجه عليه شيء مِنْ ذلك، لكن إن انتصبَ لترجيح ذلك، وحمل النَّاس عليه، فإنَّه يمنَعُ، لأن متابعة السَّوادِ الأعظم أولى مِنْ متابعة مَنِ انفرد، واللَّه أعلم.
وسئل أيضًا في القراءة بالشاذِّ: هل تحرُم، كما جزم به النوويُّ في كتبه والسبكيُّ في صفة الصلاة مِنْ "شرح المنهاج" وابن الصلاح في "فتاويه"، وكما نقل ابنُ عبد البرِّ الإجماع عليه، ونقل تحريم الصلاة خلف مَنْ يصلِّي بها، كما نقل ابن عبد البر الإجماع عليه، وهل يُعزَّرُ فاعِلُ ذلك، ويجب على الحاكم منعه أم لا، وهل الشَّاذُّ ما زاد على السبع كما جزم به النَّووي في "التبيان"، وهو ظاهر كلام ابن عطية في "تفسيره"، أو ما زاد على العشر كما صحَّحه التاجُ السُّبكي في "جمع الجوامع"، وجزم به ابن الجزري في "منجده"؟
فقال: نعم، تحرُم القراءة بالشَّواذِّ، وفي الصَّلاة أشدُّ، ولا نعرف خلافًا عن أئمة الشَّافعية في تفسير الشَّاذِّ أنَّه ما زاد على العشر، بل منهم مِنْ ضَيَّق، فقال: ما زاد على السَّبع، وهو إطلاقُ الأكثر منهم، ولا ينبغي للحاكم، خصوصًا إذا كان قاضي الشرعِ، أن يتركَ مَنْ يجعل ذلك ديدنه، بل يمنعُه بما يليقُ به، فإن أصرَّ فيما هو أشدُّ مِنْ ذلك، كما فعل السلفُ بالإمام أبي بكر بن شنبوذ، مع جلالته، فإن الاسترسال في ذلك غير مرضيٍّ، وُيثاب أولياء الأمور -أيدهم اللَّه- على ذلك صيانةً لكتابِ اللَّه عز وجل، واللَّه أعلم.
وكذا كتب مِنَ الشافعية البدر بن الأمانة والونائي والقاياتي والبلقيني،