للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكأنَّه كُشِفَ الغِطاءُ له بأَنْ ... قَرُبَتْ مَنِيته أفاض مَحَاجِرهْ

وغدا بأبيات (١) الرِّثَا مُتَمَثِّلًا ... وَحَبَا بِهَا بَعْضَ الصِّحَابِ وسَارَرَهْ

ونَعَى بها مِنْ قبلِ ذلك نَفْسَهُ ... أكرِم بِهَا يَا صَاحِ نَفسًا طَاهِرَهْ

ولِصَاحِبِ "الكشَّاف" يُعْزَى نَظْمُها ... والعَدُّ مِنْها أرْبعٌ مُتَفَاخِرَهْ

وأنا الَّذي ضَمَّنْتُها مَرْثِيَّتِي ... جَهْرًا وأوَّلها بِغَيْرِ منَاكَرهْ

"قَرُبَ الرَّحِيلُ إلى ديَارِ الآخِرَهْ ... فاجْعَلْ إلهِي خَيْرَ عُمْرِي آخِرهْ"

"وارْحَمْ مَبِيتي في القُبُورِ وَوَحْدَتي ... وارْحَمْ عِظَامِي حِينَ تَبقَى نَاخِرهْ"

"فأنَا المُسَيْكينُ الَّذي أيَّامُهُ ... ولَّتْ بأَوْزَارٍ غَدَتْ مُتَواتِرهْ"

"فَلأنْ رَحِمْتَ فَأَنْتَ أَكْرَمُ راحِمٍ ... فَبِجَارُ جُودكَ يا إلهِي زَاخِرهْ"

هذا لَعَمْرِي آخِرُ الأبْيَاتِ إذ ... هِيَ أرْبَعُ كَمُلَتْ تَرَاهَا بَاهِرَهْ

وأنَا أعُوذ إلى رِثَائِي عَوْدَةً ... تَجْلُو لِسَامِعِها بِغَيْرِ مُنَافَرهْ

قَهَرتْنِي الأيَّامُ فيه فَلَيْتَنِي ... في مِصْرَ مِتُّ ولا رَأَيْتُ (٢) القَاهِرَهْ

هَجَرَتْنِيَ الأحْلامُ بَعْدَكَ سَيِّدي ... واحَرَّ قَلبٍ قَدْ رَمِي بالهَاجِرهْ

مَنْ شَاءَ بَعْدَكَ فَليَمُتْ، أنْتَ الَّذي ... كانَتْ عَلَيْهِ النَّفْسُ قِدِمًا حَاذِرَه

وسَهِرْتُ مُذْ صَرَخَ النَّعِيُّ بِزَجْرِهِ ... فإذا هُمُ مِنْ مُقْلَتِي بالسَّاهِرَهْ

ورُزِئتُ فيه فَلَيْتَ أنِّيَ لَمْ أكُنْ ... أوْ لَيْتَ أنِّي قَدْ سَكَنْت مَقَابِرَهْ

رُزءٌ جميعُ النَّاسِ فيه واحِدٌ ... طُوبَى لِنَفْسٍ عِنْدَ ذَلك صابِرَهْ

يا نوْمُ عَنِّي لا تُلِمَّ بمُقْلَتِي ... فالنَّوْم لا يَأوِي لِعَيْنٍ سَاهِرَهْ

يا دَمْعُ واسْقِ تُرْبَه ولَوَ انَّها ... بِعُلُومهِ حَوَتِ البِحَارَ الزَّاخِرَهْ

يا صَبْريَ ارْحَل لَيْسَ قَلبي فارِغًا ... سَكنَتْهُ أحْزَانٌ غَدَتْ مُتَكَاثِرَهْ


(١) في (أ): "بأمثال".
(٢) في (ب): "وما رأيت".