للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ الذَّهب المصري وديعة لابن مسلم. ولذلك تجشَّم شيخُنا المشقة، حيث أقام على التماسها في البحر مدة حتى أخرجت. واغتصب منها الظلمةُ بعض ما جرت عادتهم به كما أشير إليه، وتبضَّع بالبقية، ورجع بذلك، فتسلم البضائه مستحقُّها بالقاهرة، وهي ببركة الوديع تزيد على رأس المال. وكانت كتابة المحْضَر (١) لأجل المالك، ووقع الإشهاد بذلك عليه، وببراءة الوديع. وقد اتفق له بعد ذلك، وهو راجع من بلد الخانقاه الركنية، أنه سقط مِنْ تحته بعضُ ألواح المركب، فسقط في البحر الحُلو بثيابه، وكان إذ ذاك بطليلسان، فسارع أهْل المركب لطلوعه، ولم يكن يُحسن السباحة. ووصل إلى بلده سالمًا، فصعد إلى المؤيَّد للسلام عليه وهو بطيلسانه. فسأله: ما لك مُتَطيلسًا؟ فحكى له ما قدَّمته، وأشار إلى أن سببه الآن بعض التَّوعك، فقال له: الطيلسان دلاعة أو سماجة، أو كما قال. قال شيخنا: فمِنْ ثَمَّ ما تطيلست إلى الآن، يعني في مرض موته الذي سمعنا فيه هذه الحكاية. وكل هذا ليعظم الأجر له. فالأجر على قدر النَّصَب.

ولما رجع من اليمن - بعد أن أهدى في إحدى المرتين لسلطانها إذ ذاك نسخة من "خريدة القصر" للعماد الكاتب بخط الكمال ابن الفوطي في أربعة مجلدات القطع الكبير، فأثابه عليها ثوابًا جزيلًا جدًّا. وكذا أهدى لملكها الأشرف الماضي "تذكرته الأدبية" بخطه في أربعين مجلدًا لطافًا، بمكة الآن منها نحو العشرين. حج أيضًا فيما أظن، وعاد إلى جدة، وقرأ بها في المحرم سنة سبع على أبي المعالي عبد الرحمن بن حيدر الشيرازي الماضي أحاديث عشرة، انتقاها من "أربعين الحاكم". ثم سافر إلى بلده، فأقام بها على عادته الجميلة، ثم حج أيضًا في سنة خمس عشرة وثمانمائة.

وكتب إليه الحافظ جمال الدين محمد (٢) بن موسى المراكشي في أوائل العشر الأخير من ذي القعدة منها، وهما بدرب الحجاز في ينبع لغزًا يأتي في محله.


(١) في (أ): "المختصر".
(٢) ساقطة من (ب، ط).