للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كراسًا في الكامل، وهو كسلاسل الذهب، غايةً في النِّسبة، يكون بخط غيره نحو كراسين فأكثر.

وكتب "التَّقييد"، لابن نُقطة في خمسة أيام كما سلف. ورأيتُ بخطه كتاب "فصل الربيع في فضل البديع" للزكي عبد العظيم بن عبد الواحد بن أبي الإصبع المصري في تسع كراريس، يكون بخط غيره في مجلد، وقال بأخَرَة: إنَّه علَّقه في يومين متاليين، فرغ منه وقت العصر من اليوم الثاني، مع ما تخلَّل ذلك مِنْ أكل وشرب وحديث، وصلاة، وغير ذلك مِنْ راحة، وأشياء كُشِطَت مِنْ خطِّه، وذلك بمدينة زبيد المحروسة في شهر ربيع الآخر سنة ثمانمائة، انتهى.

وسمعت أنه كان يكتب من "البخاري" جزءًا من ثلاثين في اليوم. ومن الغريب أنه انتقى "فهرست" الحافظ السلفي وهو متوجِّةٌ إلى مكة حال ركوبه في المحارة سائرًا على ما رأيته بخطه. [وكذا بلغني أنه كان يكتب وهو في الشُّقدف في رجوعه (١) من اليمن إلى مكة] (٢).

وأغرب مِنْ هذا كلِّه: ما حكاه لي شيخنا الزين البوتيجي الفرضي الشهير -وكان من خواصِّ المحبين لصاحب الترجمة- قال: أرسلتُ له مرة مع النقيب شهاب الدين ابن يعقوب كتابًا مخرومًا، أسأل عنه، ولم أقصدْ منه إكماله بخطِّه. نعم، كنت أحبُّ إرسال نسخةٍ منه، لأكمِلَ نسختي، فأبطأ عنِّي بالجواب، فجئتُه فما كان إلا أن رآني، فقام وسلَّم عليَّ، وأشار بالجلوس. ثم دخل منزله، فمكث يسيرًا، ثم ظهر لي والكتاب معه. وقد أكمل -وأنا بالباب- ما فيه مِنَ النَّقص، وهو نحو كراس، وأخذ يعتذر عن عدم (٣) الإرسال بالكتاب بحجَّة (٤) إكماله. وأنه لم يتَّفق إكماله، بل ولا كتابةُ شيء منه حتى الساعة.


(١) في (ط): "وهو راجع".
(٢) ما بين حاصرتين ورد في (ط) قبل قوله: وسمعت أنه كان يكتب من البخاري.
(٣) ساقطة من (ب)، وكتبت في هامش (ح) بخط المصنف.
(٤) في (ح): "بحجّية".